“العدالة لا تتأتّى مِن جعل الأنظمة والقوانين كاملة، بل مِن نوعيّة الأشخاص واستقامتهم، بدءاً من القضاة”: هذا ما أكّده البابا فرنسيس بتاريخ 15 شباط الحاليّ، لمناسبة افتتاح السنة القضائيّة لمحكمة الفاتيكان، مُشيراً إلى أنّ “العدالة هي قبل كلّ شيء جهوزيّة القلب”، بحسب ما كتبه الزميل هوغ دي فارين من القسم الفرنسيّ في زينيت.
وقد نصح البابا في كلمته التي ألقاها للمناسبة بأن يكون القضاة “على طبيعتهم لحظة إصدار الحُكم، مع التعمّق في تعقيدات التقلّبات البشريّة، بهدف إعطاء أجوبة صحيحة والجمع بين عدل القوانين والرحمة التي علّمنا إيّاها يسوع”.
وبالنسبة إلى البابا، “الرحمة ليست دعماً للعدالة بل تحقيقها، لأنّها تضع كلّ شيء في مستوى أعلى حيث يجد المحكومون بأشدّ العقوبات تحرّر الرّجاء”.
وأضاف: “يحثّنا الإنجيل على إحلال العدالة خاصّة في داخلنا، مع النضال بقوّة ضدّ الخلاف الذي يسكننا. فبالنسبة إلى يسوع، إنّها لسذاجة أن نعتقد أنّنا سننجح في نزع جميع جذور الشرّ التي في داخلنا بدون التأثير على الحبّة الجيّدة. لكن يجب التنبّه لأنفسنا عبر النضال الداخليّ الذي يُساعدنا على عدم ترك الشرّ يتغلّب على الخير”.
وشجّع البابا سامعيه على متابعة “مسار العدالة على أنّه الطريق الذي يجعل الأخوّة الأصيلة ممكنة، تلك الأخوّة التي يتمّ فيها الدفاع عن الجميع، خاصّة الأضعف والأكثر هشاشة… والعدالة وحدها لا تكفي، بل يجب أن تترافق بقِيم أساسيّة هي الحذر (لتمييز الصحّ من الخطأ)، والقوّة (لتخطّي الصعوبات التي نواجهها وتحمّل الضغوطات والأهواء)، والاعتدال في تقييم الأوضاع والوقائع (والذي يجعلنا أحراراً لاتّخاذ القرار بناء على ضميرنا).
وأضاف الأب الأقدس: “لا يمكن لعملكم أن يُهمِل الالتزام الدائم القاضي بفهم أسباب الخطأ وضعف مَن خرق القانون”، قبل أن يتكلّم مطوّلاً عن القوانين المرعيّة الإجراء في الفاتيكان والإصلاحات التي تحصل.
ثمّ ختم قائلاً: “أحثّكم على متابعة تطبيق رسالتكم ومهمّتكم بهدف إحلال العدل. التزموا بضمير في مسؤوليّاتكم، وافتحوا آفاقاً جديدة وسبلاً جديدة لوضع العدالة في خدمة تعزيز كرامة الإنسان والحرية والسلام”.