“مكافحة الخوف القوميّ وإعادة بناء الصِلات” هي المهمّة التي أوكلها البابا فرنسيس لأساقفة منطقة المتوسّط الذين التقاهم في باري (جنوب إيطاليا على الشاطىء الأدرياتيكي) البارحة الأحد 23 شباط 2020، بحسب ما نقلته لنا الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسيّ في زينيت. وضمن موضوع السعي خلف الخير المشترك، أوصى الأب الأقدس سامعيه بأن يدعوا “توقّعات الفقراء” تُرشدهم!
في التفاصيل، وخلال الزيارة الثانية للمنطقة التي تُحفَظ فيها ذخائر القدّيس نيقولاوس، شارك البابا في لقاء التأمّل والروحانيّة “الحدود المتوسطيّة للسلام”. ولدى هبوط مروحيّته صباح البارحة عند الثامنة والربع في ساحة كريستوف كولومبوس في باري، رحّب به أسقف المدينة المونسنيور فرانشيسكو كاكوتشي، مع رئيس المنطقة والحاكم والمختار.
وبعد وصوله إلى بازيليك القدّيس نيقولاوس الحبريّة في الباباموبيلي، شارك الأب الأقدس في اللقاء مع حوالى 60 أسقفاً أتوا من بلدان مُحيطة بالمتوسّط، وحثّهم على “إعادة بناء الصِلات المتقطّعة ورفع المدن التي هدمها العنف، ومنح الرّجاء لِمَن فقده، وحثّ مَن يُغلق على نفسه على عدم الخوف من أخيه”.
وفي كلمته أيضاً، أكّد البابا أنّ البلدان المُطلّة على المتوسّط “لديها إمكانيّة هائلة” مُضيفاً: “وحده الحوار يسمح باللقاء وبتخطّي الأحكام المُسبقة والصور النَمَطيّة، وبإخبار القصص المتبادَلة ومعرفة الذات والآخرين”.
كما وشجب البابا في كلمته الحرب وهي “جنون لا يمكن أن ننقاد إليه، لأنّه من الجنون تدمير المنازل والجسور والمصانع والمستشفيات وقتل الأشخاص والقضاء على الموارد، بدلاً مِن بناء علاقات إنسانيّة واقتصاديّة. لا وجود لأيّ بديل للسلام بالنسبة إلى أيّ شخص. الحرب تبدو كفشل أيّ مشروع إنسانيّ وإلهيّ”.
من ناحية أخرى، دافع البابا مُطوّلاً عن المهاجرين واللاجئين ضدّ “الانطواء الذي يعتبر موجة الهجرة “اجتياحاً” ويتّشح باللامبالاة والرفض وصولاً إلى الخوف”.
ثمّ دلّ البابا بالإصبع على “فشل وضعف السياسة ممّا يسبّب التطرّف والإرهاب”، مُدافِعاً عن حماية الأقليات والحرية الدينيّة مُضيفاً: “الاضطهاد الذي تقع ضحيّته الجماعات المسيحيّة وجماعات أخرى هو جرح يمزّق قلبنا، ولا يمكن أن يتركنا لامبالين”.
وأخيراً، تمنّى البابا في كلمته “تعاوناً أكثر فعالية بين الجماعات الدينيّة والمجموعات المختلفة، لأنّ مَن يوسّخون أيديهم معاً لبناء السلام واستقبال الآخرين لا يعود يمكنهم أن يتقاتلوا لأسباب تتعلّق بالإيمان، بل سيعبرون معاً طرق المواجهة المحترَمة والتضامن المتبادَل والبحث عن الوحدة”.
وبعد أن ألقى التحيّة على كلّ من الأساقفة، نزل البابا في سرداب البازيليك لتكريم ذخائر القدّيس نيقولاوس أسقف ميرا، وإلقاء التحيّة على جماعة الدومينيكان.
من ناحيتهم، نقل الأساقفة “صوت ألم ومعاناة كنائسهم وشعوبهم” عبر كلمة ألقاها الكاردينال فينكو بوليتش رئيس أساقفة ساراييفو باسم الجميع أمام البابا، مُعبِّراً عن حزنه “حيال رحيل العديد من الشباب بسبب الحروب والظلم والبؤس”، وكرّم الشباب “الذين يبقون في بلادهم فيما يُظهرون شجاعة فائقة وحبّاً كبيراً لبلدهم”.
Rencontre avec les évêques de la Méditerranée à Bari, 23 février 2020 © Vatican Media
ثمّ حذّر رئيس مؤتمر أساقفة البوسنة والهرسك من أنّ “العدوّ يريد باستمرار تمثيل حضارة الموت على أنّها حضارة الحياة، والشتاء على أنّه الربيع”.
وختم بوليتش كلمته بشكر البابا على وجوده بينهم وعلى زيارته العديد من الكنائس المحلية، مؤكِّداً له أنّه “سيسرّ الأساقفة أن يُصلّوا لأجله”.