بالصّوم، يساعد المسيحيّ نفسه على قمع الشّهوات، والتّكفير عن الملذّات، والخطايا، فيستنير العقل بأفراح الرّوح، ويرتفع القلب نحو الخيرات السّماويّة، ويسكب الله على المؤمن مسرّته، وبركاته.
أبونا يعقوب الكبّوشيّ
إنّها مسيرة الصّوم. سبحة مقدّسة، تُتلى فيها أفعال مقدّسة، من توبة، وإماتة، إلى إحسان وغفران، وحبّ… إنّه وقت مبارك، ومقدّس. تقوم فيه النّفس، بتشذيب نواتئ كثيرة، ثقيلة ومؤلمة ، فتغدو لمّاعة، ومصقولة، وخفيفة تستطيع أن تعبر بخفّة، مسيرة تقودها إلى الاحتفال بعرس القيامة.
“أمّا أنت فمتى صمت ، فادهن رأسك ، واغسل وجهك ، لئلّا تظهر للنّاس أنّك صائم ، بل لأبيك في الخفاء ، وأبوك الّذي في الخفاء هو يجازيك” متّى 6-16
الصّوم ليس بالإمساك عن الطّعام، وعيش إماتة تقود إلى تعب وجه شاحب ، إنّما هو استعداد إنسان مسيحيّ، يسير ليحقّق فرح اللّقاء بالرّبّ …
“لا أسألك عن التّبدّل الّذي طرأ على طعامك، بل على قلبك… الصّيام وحده لا يوصلك إلى السّماء، بل يلزمك لتصعد إليها على أجنحة المحبّة” من عظة القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم.
الصّوم فرح إنسان تائب، في التّوبة يثبت الإنسان، وتبتهج نفسه برحمة الله.
في الصّوم، يميت الإنسان في ذاته كلّ ما يبعده عن الرّبّ، فيحيا فرح التّخلّي، ويسمح لنفسه الاقتراب من الرّبّ بشكلٍ أفضل…
الصّوم زمن توبة، فهي تقودنا إلى الاغتسال الرّوحي، لتغدو نفوسنا طاهرة، ونقيّة فنصبح الإنسان الجديد، الّذي لا يطمر نتانته يومًا بعد يوم، كمن يتعطّر دون استحمام…
يعتبر أبونا يعقوب أنّه دون توبة لا نجد يسوع، والتّوبة تفتح السّماء وتمحو الخطايا، وتعطي السّلام. يدعونا إلى التّوبة، لأنّها تنقّي من الخطيئة. فالتّوبة هي العماد الثّاني، إنّها لوح الخلاص، والفرح الحقيقيّ…
وهذا ما دعا إليه البابا فرنسيس في عظته عن الصّوم قائلًا: ” تدعونا المسيرة نحو الفصح إلى استعادة وجهنا وقلبنا المسيحيّين من خلال التّوبة، والارتداد والمغفرة، لنتمكّن من عيش الغنى الكامل لنعمة سرّ الفصح.”
الصّوم زمن مقدّس، هو زمن قوّة، وشفاءات، زمن يقودنا فيه إيماننا، إلى حضن الرّبّ، إنّه رحلة تقودنا إلى لحظة الوصول لتحقيق الغاية الأسمى…
إنّه دعوة إلى التّقرّب من الله، وتجديد علاقتنا به. إنّها علاقة الثّقة بالله، والإيمان به . وحده خلاصنا، وقيامتنا…