Jesus on cross - MichaelGaida - Pixabay - CC0

من عُري صليبه يشارك صليبنا

من قلب قبور نحفرها … يحيك ثوب قيامتنا

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

غالباً ما نتحاشى الحديث عن إختبار العري المريع الذي عانى منه المخلص فوق الصليب. نظن انّ التحدث عنه معيب… ولكن الحياء الكاذب لا مكان له في جلجلة الحبيب…
في وصف طريقة الصلب تتحدث الأناجيل ويوثق المؤرخون وإن كتاب الرومان مجمعون على أن المحكوم يُعرَّى. ولأن اليهود كانوا يسمحون في بعض الحالات بإعارة محكوميهم سترة يتزرون بها، حادت عن تصوير هذا المنظر المريع الكثير من الرسوم والفنون. ومع ذلك تلزمنا الحقيقة ان نعي هذه الاهانة المحزنة التي احتملها المسيح . فنحن الذين وضعنا هذه الألوان القاتمة في هذه الصورة، ويلزمنا ألا نمر بها دونما اكتراث. أن مزمور مسيا (٢٢) الذي رُبط بآلام الصلب وضع ثقل “ثقبوا يدي ورجلي” و”احصوا كل عظامي” الى جانب : ” يقسمون ثيابي بينهم، وعلى لباسي يقترعون” و “وهم ينظرون إلي ويتفرسون”.
اليوم لا نلبس حقيقة الجلجلة “ورقة تين” بل نتأمل كالآباء الأولين عري السيد … ولو مخجولين.

أن تكون عارياً يعني أن تكون ضعيفاً، مكشوفاً ، وعادة ما تكون في وضع مخجل. ليس من قبيل المصادفة أن أول شيء فعله آدم وحواء بعد أن كسرعصيانهما جنتهما الأولى كان “الإختباء لأنهما عريانان”. فالخروج عن الحماية التي تمنحها الوصية يعرّي الإنسان من الأمان، لا لأن الرب غضوب بل لأننا نحصد مما جنت أيدينا. اما المسيح – آدم الثاني- فجاء لإعادة الجنس البشري إلى كرامته الأصلية، قَبِل الرب ان يصير عرياناً ليلبسنا نعمته.
عرياناً خرج من بطن أمه وعرياناً تعلق على خشبة العار حتى عندما نولد بضعفنا، و تعرينا ظروف الموت المعنوي من قوتنا، ويأتي الموت ليحصد ما بقي لنا … نجده هنا: متماهياً معنا، مخلصاً لنا… من عري صليبه يعيد لنا حلة البرارة وسترة التعزية وثوب البنوة.

اليوم، وباء لا يُرى كشف عري بشريتنا.
اليوم بعد أن ألّهنا ذواتنا نختبر عرينا:
ضعفنا و خجلنا أمام ” لا حيلة لنا و لا قوة” على ما يفتك بنا!
واليوم أيضاً لا يقف السيد غير مبالٍ بنا… من عري صليبه يشارك صليبنا
و حين أظلمت السماء لتسترعريه الذي سببنا
هو لا يُنهي بمأساة مُستحقة قصتنا!
لا يفضحنا إنما بمحبة أبوية يسترنا…
بل – إنتظروه بثقة – فها هو:
من قلب قبور نحفرها … يحيك ثوب قيامتنا !

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير