“دعونا لا نخضع للاستسلام ولا نضع حجراً على الرجاء”: هذا ما حثّ عليه البابا فرنسيس المؤمنين عشيّة عيد الفصح، داعياً البشريّة إلى “الكفّ عن تقديم الموت عبر الحرب والأسلحة والإجهاض، بل إلى إسكاته ومنح الحياة التي تلقّتها من القائم من بين الأموات للجياع وللفقراء”… ودعا الجميع إلى “إشعال الرحمة” كالمرأتَين القدّيستَين، بناء على ما نقلته لنا الزميلة أنيتا بوردان من القسم الفرنسيّ في زينيت.
في التفاصيل، ترأّس الحبر الأعظم الأمسية الفصحيّة في بازيليك القدّيس بطرس على مذبح كرسيّ بطرس. وابتدأت الأمسية بإشعال شمعة الفصح قبل التقدّم في البازيليك التي هجرها آلاف الحجّاج.
وقد رتّل الشمّاس نشيد الدخول الفصحيّ بحضور حوالى 12 شخصاً جلسوا بعيدين عن بعضهم البعض، بالإضافة إلى عدد قليل من خدّام المذبح وأفراد الكورس والمصوّرين المعتَمَدين.
إلّا أنّ الجميع شعروا بفراغ كبير مكان الحدث الاعتياديّ الذي كان يحمل الكثير من المعاني عشيّة القيامة: عماد وتثبيت الراشدين، واللذَين تمّ تأجيلهما إلى تاريخ لاحق بسبب التدابير الوقائيّة المطلوبة للحدّ من انتشار الوباء.
أمّا في العظة التي ألقاها، والتي بناها على إنجيل القدّيس متى (الفصل 28)، فقد أشار الأب الأقدس إلى الطريق الذي سلكته المرأتان لتصلا إلى قبر المسيح، على أنّه طريق يجب أن نسلكه اليوم، قائلاً: “يمكننا أن نجد أنفسنا في مشاعر مرأتَي ذاك اليوم. ومثلنا، كانتا تحملان مأساة المعاناة وهي مأساة غير منتظرة وصلت باكراً جدّاً”.
Veillée pascale 11 avril 2020 © Vatican Media
من القبر، الحياة
وقد جعل البابا موقف المرأتَين القدّيستَين محور عظته: “ذهبت المرأتان إلى القبر”، “لم تدع المرأتان الوضع يشلّهما”، “ساعدت المرأتان الرجاء على التفتّح عبر الصلاة والحبّ”…
كما واستعاد الأب الأقدس قصّة القيامة ليقتصّ منها الشجاعة للمسيحيّ في زمن الوباء: “أمام قبرٍ، سمعتا كلمات الحياة… ثمّ التقتا يسوع كاتب الرّجاء الذي أكّد الإعلان قائلاً: “لا تخافا”. هذا هو إعلان الرجاء: لا تخافوا. واليوم، هذه الكلمات هي التي يُكرّرها الله في الليل الذي نجتازه”.
في السياق عينه، أصرّ البابا على ثقة المرأتَين ورجائهما الذي ليس “تفاؤلاً”، قائلاً: “إنّ رجاء يسوع هو مختلف، وهو يُدخل إلى القلب التأكيد على أنّ الله يعرف كيف يُحوّر الأشياء إلى الخير، لأنّه حتّى من القبر، أخرج الحياة. لكن كيف سيحصل ذلك؟ الجواب هو: عبر صلاة نرفعها للمسيح. يكفي أن ندعوه قائلين: تعال يا يسوع إلى مخاوفي وقل لي “ثق”. فمعك يا رب، سنكون ثابتين. ومهما كان الحزن الذي يسكن فينا، سنشعر بالرجاء لأنّه معك، الصليب يُزهر قيامة، ولأنّك معنا في عتمات ليالينا. أنت الكلمة في صمتنا، ولا شيء قد يسلبنا الحبّ الذي تُغذّيه لأجلنا”.
وختم البابا عظته متأمّلاً في المرأتَين، عندما عرفتا يسوع القائم من بين الأموات، ليصل إلى توسّل للمسيح: “في النهاية، قبّلت المرأتان قدمَي يسوع اللتين كانتا قد سارتا مسافات طويلة حتّى الخروج من القبر. قبّلتا القدمَين اللتَين داستا الموت وفتحتا طريق الرّجاء. ونحن، الحجّاج الذين نبحث عن الرّجاء، نلتصق بك أيّها المسيح القائم من بين الأموات. ونُدير ظهرنا للموت، ونفتح لك قلوبنا، أنت يا مَن هو الحياة”.
أمّا إحدى أهمّ الجمل التي يمكن حفظها من عظة البابا فهي: “ما أجمل أن نكون مسيحيّين يُعزّون ويحملون أثقال الآخرين ويشجّعون، ويُعلنون عن الحياة في زمن الموت”.
وفي نهاية الاحتفال، عهد الموجودون بأنفسهم لعذراء القيامة واستداروا نحو أيقونة “مريم خلاص الشعب الروماني” مُصلّين. وبعد الأمسية الفصحيّة، نشر الأب الأقدس 3 مقاطع اجتزأها من عظته في 3 تغريدات، على صفحته على موقع تويتر.