Resurrection - Dimitrisvetsikas1969 - Pixabay - CC0

“عيد الفصح: إنتصار “الحياة

انتصر الرَّب … فهذا إنتصار الحياة الأبدية

Share this Entry

بعدما صلبوا “الحياة” على خشبة الصَّليب، يوم الجمعة العظيمة، والَّتي قَتَلَت “الحياة”، إنتصر ابن الله على الموت بالموت، وأعادَ الحياة للحياة، والنُّور للنُّور، والفرح للفرح. عَبَرَ سيّد الحياة من الموت إلى الحياة. إنّه إبن الله الحيّ “أنا هو القيامة والحياة. مَن آمن بي وإن ماتَ فيحيا” (يو٢٥: ١١).

أثبَتَ وأكدَّ تجسّد إبن الله، يسوع المسيح، من خلال حياته، وأقواله وعجائبه، وقُدرته الإلهيّة، أنّه المخلّص الوحيد للبشريّة، بالرُّغم أنّه مات على الصَّليب، محكومًا عليه من قِبَل اليهود. المسيح قام حقًّا قام. إنّها القيامة، الَّتي دخلت تاريخ البشريّة، وغيّرت المفاهيم والمبادئ الخاطئة، كما أعطت الحياة لمَن يرجوها ويستحّقها. يردّد المؤمن خلال الاحتفال بالذَّبيحة الإلهيّة :”وحَّدتَ يا ربّ لاهوتَكَ بناسوتِنا، وناسوتَنَا بلاهوتِكَ، حياتَكَ بموتِنا، وموتَنا بحياتِكَ، أخذتَ ما لنا ووهبتنا ما لكَ، لتُحيِيَنا وتخلِّصَنا”. يؤكّد العقل البشريّ، المَبنّي على الإيمان، لا سيّما على الإيمان بشخص يسوع المسيح، أنّ المخلّص قامَ من بين الأموات ووَهَبَ الحياة. تقول الترنيمة الواسعة الإنتشار”هذا هو اليوم الَّذي صنعه الرَّب، فلنفرَح ولْنَتَهَلَّل به، المسيح قامَ من بين الأموات ووطِىء الموت بالموت ووَهَبَ الحياة للَّذين في القبور”.

عيد الفصح هو عيد العبور من العبودية إلى الحرِّية، من الموت إلى الحياة، من الظُّلمة إلى النُّور، من الضَّعف إلى القوّة، من الخطيئة إلى النِّعمة، من الأنانيّة إلى العطاء. عيد الفصح هو عيد إنتصار “الحياة”. يقود المسيح المُنتَصِر على الموت، الإنسان المؤمن والمُمارِس لإيمانه، إلى “حياة جديدة” في خدمة وتصرُّف الآب السماويّ، لا في خدمة الشَّريعة القاتلة أحيانًا، والضَّعف البشريّ المُستشري في هذه الأيّام “الهجينة”، والخطيئة المُهَيمِنَة على عقل الإنسان وقلبه وإرادته ونواياه “فإنّ المسيح ماتَ من أجل الجميع بحيث إنّ الَّذين يحيَونَ الآن لا يحيَون لأنفسهم، بل لأجل ذاك الَّذي ماتَ وقام لأجلهم” ( ٢ قور ٥ :١٥).

عيد قيامة المسيح، هي عيد “الحياة”، الَّتي تتطلّب الإيمان الرَّاسخ والعميق والمُستمِرّ، بقُدرة يسوع وأُلوهيّته ” قامَ المسيح كما تَرَونَ بإيمانكم لا بعيونكم”.

تؤكّد الكنيسة، أنّ قيامة يسوع المسيح، هي عيد قيامة كلّ مؤمن، لأنّ القيامة هي الانتصار والغَلَبَة لكلّ مؤمن “فالشُّكر لله الَّذي منحنا النَّصر عن يد ربِّنا المسيح، فكونوا […] ثابتين راسخين […] إنّ جهدكم لا يذهب سُدىً عند الرَّب ( ١ كور ١٥: ٢١-٢٢).

يؤمن “المؤمن” أنّ المسيح يَهِب “الحياة”، لأنّه هو نفسه الحياة “أنا هو الطَّريق والحقّ والحياة ليس أَحَدٌ يأتي إلى الآب إلاّ بي” ( يو ١٤ :٦). “أنا هو القيامة والحياة. مَن آمن بي ولو ماتَ فسيحيا” (يو١١ :٢٥).

تمُرّ الكرة الأرضيّة بأسرها، أيّ شعوبها على مختلف إنتمائاتهم العرقيّة والدينيّة، بأصعب الظُّروف والتَّحدّيات، من أجل استمرار الحياة البشريّة على كوكب الأرض، بطريقةٍ إنسانيّةٍ، يلفّها روح الأُخوّة و”العيش معًا” والتَّضامن والمحبّة والتَّعاضد، وغيرها من العوامل الأساسيّة، الَّتي تُسهم في نشر الرَّحمة والعدل والمحبّة والسَّلام، ونَبذ كلّ أنواع الشُّرور الَّتي تعيق خلاص الإنسانيّة، قدر المُستطاع، من عذاباتها ومصائبها. هل يبحث الإنسان عن رؤية ونسَقِ “حياةٍ جديدةٍ”، في ظلّ إنتشار كلّ أنواع الشُّرور والحروب والأوبئة القاتلة، والجوع والفقر، وسائر الانتهاكات لحقوق الإنسان؟ هل أدركَ أنّ عليه أن يفهم معنى الحياة وجوهرها وقيمتها، الَّتي حصل عليها من الخالق؟ هل وعى في هذه الأيّام الخطرة والمصيريّة، على أنّ الحياة تُقاس بأعمال الرَّحمة والمحبّة، لا بأعمال الشرّ؟

نَعَم، تَهِب قيامة المسيح، الإنسان المؤمن، أن يُدَحرِج عن بابه، كلّ ما يُعيق خلاصه. نَعَم، بإمكانه خَلع الإنسان العتيق ولِبس الإنسان الجديد.

بالتّأكيد، قيامة يسوع تُحيي حياة الإنسان، وتدفعه نحو الإيمان والفرح، والتَّمسّك بالحياة اليوميّة، الَّتي تتوق نحو الخلاص، الموعود به، من خلال السَّير وراء المخلّص، تاركًا الحياة الدنيويّة، الَّتي تدفعه غالبًا نحو الهلاك والظَّلام والتَّعاسة. نعم، يَهِب المسيح القائم من بين الأموات والمُنتصر للحياة، الحياة الأبديّة “فإن كنّا مع المسيح مُتنا، فلنؤمن أنّنا مع المسيح نحيا” ( روم ٦ : ٨).

نَعَم، يؤمن المؤمن بهذه الحقيقة النيّرَة واليقين المُطَمئِن.

نَعَم، انتصر الرَّب … فهذا إنتصار “الحياة الأبدية”.

Share this Entry

الأب د. نجيب بعقليني

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير