CC0- Pixabay creative commons

ما هي الديانة الكاذبة للسعادة؟

تسلّل العصر الجديد في الكنيسة – الجزء الخمسون

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

“تنتشر اليوم تجارة العالم غير المرئي وديانة كاذبة للسعادة”- الأب المقسّم جان باسكال دولوازي

خلطات جديدة منحرفة !

تكلّمنا عن ضلالات تيّار الفكر الجديد وبعض البدع المعاصرة التي تفرّعت عنه، والتي أسّست لتقنيات التنمية البشرية في تيّار العصر الجديدNew Age . وتبيّن لنا كيف يستعمل  روّاد هذه البدع مصطلحات مسيحية وآيات من الكتاب المقدس يحرفّونها بحسب أهوائهم ليروّجوا لتعاليمهم المضلّلة.

يقول الأب جان باسكال دولوازيP.Jean Pascal Duloisy المقسّم في أسقفية Iles de France ، في مقابلة له على شاشة KTO في 2 شباط 2020 ، أنّ من خلال خبرته كمقسّم خلال خمس سنوات، وجد أنّ العالم المرئي غنيّ بالملائكة خدّام الله. تبيّن له كذلك أنّ في عالمنا اليوم، نميل أن ننسبَ إلى العالم غير المرئي كلّ أنواع الحقائق غير الموجودة:كائنات روحية، ذبذبات وموجات (الطاقة الكونية) الخ. وأضاف قائلاً: “نحن في تجارة العالم غير المرئي، كي نصنع ما يمكن أن أسميّه ديانةً كاذبة للسعادةUne fausse religion du Bonheur .”  ويرى الأب دولوازي أنّ موضوعَ الملائكة أساسيٌ ومن بينها الشيطان (بما أنّه ملاك ساقط) أو الشياطين. لكنّه يلفت إلى ضرورة أن نعلن ملكوت الله وغناه وملائكته. وأضاف قائلاً: “لم أكن أتصوّرُ يومًا أنّني سأكون وجهًا لوجه مباشرةً مع سرّ الشر. وقد تبيّن لي أنّ الشيطانَ قاتلٌ حقيقي مثلما يعبّر عنه اسمه، المجرّب، الجذّاب، الكذّاب، المشكّك، القاتل، السارق، الخ. كلّ هذه الكلمات البيبلية هي شخصيته الحقيقية. اليوم تعود بقوة ممارسات ما يسمّى بالخفائية، السحر، الشعوذة، أوراق كشف الطالع، الأرواحية، العرافة … وهي طرق خاطئة يستعملها الشيطان للتأثير في الناس بهدف إهلاكهم. الشيطان مستتر هذا أمر أكيد وبالتالي يصعب كشفه. علينا أن نعي الى أيّ درجة يوهم الناس بأضاليله لذلك يقع الكثيرون في حبائله. الشيطان حرفيًا هو “الذكاء بدون الحبّ”. إنه شرس، لئيم ولا يندم أبداً… لكنّنا عرفنا أنّ الشيطان خاسر وأنّ المسيح انتصر عليه على الصليب. هذه حقيقة. ونصيحتي كي ننتصر عليه لا يجب أن ندخل أبدًا في حوار معه. القدّيس لا يدعو الشيطان الى مائدته. هذه هي القاعدة الذهبية. وكلمة الله تنجدنا لأنها تعلّمنا الحكمة …”

التفكير الإيجابيPositive Thinking، فوكسFox ، وأوبرا Oprah والخلطات العجيبة!

يستعمل تيّار الفكر الجديد مصطلحات مسيحية ويستشهد، كسائر البدع، بآياتٍ من الكتاب المقدّس، ليدّعي أنّه مسيحي. لذلك يتأثّر به المسيحيون خصوصًا. ولقادتهم كاريزما قوية مثل “نورمان فينسان بيل”Norman  Vincent Peale(+1993) مؤلّف كتاب: “قوّة التفكير الإيجابي”The Power of Positive Thinking.كذلك نذكر كاتب حركة الفكر الجديد الشهير “إيميت فوكس”Emmet Fox (+1951).

لقد تأثّر روّاد حركة التنمية البشرية بقوةّ ب “نورمان بيل” الذي علّم أنّ أغلب الناس متى فكّروا بشكلٍ إيجابي سوف تتحقّق أحلامهم بالفعل. في الحقيقة هذا مبدأ من مبادئ السحر و”الخفائية”Occultism. مثال على ذلك كتاب “السرّ”The Scret  الذي يدّعي أنّ مبادئه تتوافق مع الإيمان المسيحي وهو يستشهد بخبثٍ بآيات كتابية وبالمسيح نفسه.  لقد مزج “بيل” و”فوكس” تيّار الفكر الجديد بالمسيحية وحرّفوا الكتاب المقدس وفسّروا آياته بتفاسير مغلوطة. وكلاهما سبق وتأثرا ب”فيلمور” مؤسّس بدعة الكنيسة المتّحدة وب”هولمز” مؤسّس بدعةكنيسة العلوم الدينية.

فوكس وموعظة الجبل

كتب “إيميت فوكس”Emmet Fox  كتابًا شهيرًا بعنوان: “الموعظة على الجبل: مفتاح النجاح في الحياة” وهو يُباع، ويا للأسف، في بعض المكتبات المسيحية. في كتابه هذا، ينفي فوكس وجود الخطيئة وفداء المسيح ويقول أنّ الواقع ليس إلا تعبيراً عن شعورٍ داخلي وأنّ “مخطّط الخلاص” الذي تعلّمه الكنيسة هو غير صحيح. برأيه إنّ هدف الإنسان الأساس “هو تغيير وعيه” يعني أن نستبدل فكرة أنّنا منفصلين عن الله بفكرة تحقيق ألوهيتنا الشخصية وتماهينا مع الله. وأنّنا موجودون على الأرض لنظهر الله ونعبّر عنه من خلال قوّة خلاّقة إلهية مثل الله. ويؤكّد فوكس أنّ هذا هو ما عناه المسيح بكلامه عن الباب الضيّق (مت7/ 14) وأنّ المسيح عرف أنه متى كان للإنسان رؤى صحيحة سيكون كلّ شيء عنده على ما يرام.

أوبرا والوعي المسيحاني

أوبرا وينفريOprah Winfrey هي من أهمّ الشخصيات المؤثّرة في الولايات المتحدّة. تأثّرت خصوصاً بكتاب: “إكتشف القوّة الكامنة فيك”Discover the Power within you  للكاتب”ايريك باترورث” Eric[1] Butterworth  من “الكنيسة المتحدّة”، فتغيّرت نظرتها بالنسبة للمسيح. قالت في برنامجها التلفزيوني سنة 2008 أنّها مسيحية، لكنّها بفضل تعاليم “باترورث” فهمت أنّ المسيح لم يأتِ ليموت على الصليب بل أتى ليعلّمنا كيف نعمل كي نتممّ أو نحقّق “الوعي المسيحاني”The Christ Consciousness  الذي سبق وحقّقه هو وناله والذي علينا أن نتقيّد به. كتب “باتروث” في كتابه “اكتشف القوة الكامنة فيك” أنّ يسوع هو “مرشدٌ عظيم” وأنّ المسيح ليس شخصًا لكنّه مستوى من القوّة الكامنة في كلّ إنسان، وأنّ مهمّته الحقيقية هي أن يعلّم عن ألوهية الإنسان للعالم كلّه. الكتاب موّجه لمؤسّسي كنيسة الوحدة أيّ تشارلز وميرتل فيلمور وفلسفة باترورث هي إشادة لمعتقدات هذه البدعة. لذلك ليس مستغرباً أن تروّج “أوبرا” لكتاب وفيلم “السر”The Secret الذي يحتوي تعاليم حركة الفكر الجديد وأقوال قادته.

يتبع

[1] مؤلف لأربعة عشر كتابا من أهمها “إكتشف القوة التي فيك”، “إقتصاديات روحية”، “الكون ينادي”. محور فكره الألوهية الطبيعية لكلّ البشر وقد عبر في مؤلفاته عن رغبته في ان يكتشف كل إنسان تماهيه مع الله.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

جيزل فرح طربيه

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير