الله في الصندوق؟

فلنكف عن ” صندقة الله” و لنمتهن له الإصغاء

Share this Entry

عند صعود التل ، كان المعبد الأنيق وجهة لمئات من الرجال والنساء اليونانيين. حملوا “نذورهم و تقدماتهم” ، مع العلم أنهم لا يستطيعون الاقتراب من آلهة الحكمة والحرب “الساكنة في الهيكل”. غير أنه بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في أثينا ، كان مهرجان Panathenaic وسيلة للتعبير عن تكريمهم وتفانيهم لآلهة مدينتهم وحمايتهم: أثينا.
وفوق أعمدة البارثينون الذي إعتبروه تاج هياكلهم وقفت منوحتات ترمز الى آلهتم… وساد القول : أن اليونانيين القدامى في فن الحجر رفعوا البشر جنب آلهتهم و أعطوا آلهتم صورة بشر!
ابتكر الإغريق أثينا وآمنوا بها و”أولمبيين” آخرين لأنهم أرادوا إجابات عن تساؤلات الحياة.غير أنهم قضوا حياتهم في عبادة وتكريم من لم يكن لديه لا حياة و لا إجابات . أعطوا حياتهم لفكرة تركتهم فارغين وغير مكتملين و هائمين…

ولا ينبغي أن تبدو رغبة اليونانيين في الحصول على إجابات وإسناد الخصائص لآلهتهم وكأنها مفهوم غريب. فحتى يومنا هذا ، نبحث عن حلول بطريقة مماثلة ولكن في حين أنه قد لا يكون لدينا تمثال لأثينا في غرفنا ، فإننا نكرس مفهوم معرفة وفهم جميع الإجابات و رمي عباءة أفكارنا على الله.
نضع الله في صندوق ونضع الكلمات في فمه. وحين نشعر بالقلق من عدم قدرتنا على تفسير حدوث أشياء فظيعة ، كمثال إنتشار وباء ، و موت أبرياء…وغيرها من الوقائع المحزنة، نصبح كما لو أننا نتحمل مسؤولية مساعدة الله على الخروج من محادثة محرجة!
ولضمان الإجابات التي نريدها ، نضع الله في الصندوق الذي نبتكره. يختفي الإله الحقيقي ونُظهر إلهاً صنعناه بمعاييرنا الأرضية. تارةً نجعله غضوب وله الحق أن يضربنا و تارةً نجعله رحوم ولكن في نومٍ مرحلي عن طلبتنا… لذا هيا بنا الى طقوس معينة … ففيها وحدها يرتفع الصوت علّه يتنبه لصرختنا !!!

لكن الرب في مكان آخر …أكبر من قبضتنا و يخالف الكثيرمن توقعاتنا!
«لأن أفكاري ليست أفكاركم، ولا طرقكم طرقي، يقول الرب.لأنه كما علت السماوات عن الأرض، هكذا علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم.»
(إشعياء 55: 8-9)
و لكن هل هذا يعني اننا في جهل مطبق و هل هذا يعني أن نرمي دراسة اللاهوت جانباً؟
حاشا، بل أن الرب نفسه يحذر من جهل لاهوته ” قد هلك شعبي من عدم المعرفة” (هو 4: 6)
إذاً؟
الحقيقة، أن التعمق بدراسة كلمة الله و شؤونه تعلّم الإنسان أنه لا يستطيع أن يحوي بالكامل فكر الله. من أموره ما يرتبط بأمورنا وبالإمكان فهمها و هناك ما يرتفع عن فهمنا. في هذه الأثناء ، علينا أن نقبل ما أطلق عليه البعض (docta ignorantia) أو “الجهل العالِم”.
أن نقبل أن ننمو – دراسةً و اختبار – في معرفة الله و الحياة… أن نقبل أننا لا نستطيع أن نضع سر الله اللامحدود في منطقنا المحدود!
هي مغامرة الإيمان… وتطلّب الثقة وتحدي الرجاء .
نعم، هناك أسئلة لن نعرف الإجابة عنها في هذا ” الجانب من السماء”.
نعم،علينا أن نقبل أن ننام مع أسئلة عند المساء …
ولا نتركها بلا معنى تذهب هباء … بل لندعها تُدخلنا الى صلب الإهتداء
رويداً رويداً ينكشف شيئاً من وراء الستار… و يكون لنا في الكرب عزاء وفي الفرح صفاء.
مضى عمر على تاريخ الإغريق الاصدقاء… فلنكف عن ” صندقة الله” و لنمتهن له الإصغاء.

Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير