بالنظر إلى المؤامرة، الخيانة، الإنكار…. و كل ما مر به يسوع من أهوال الجمعة العظيمة، أول ما نتوقعه بعد القيامة سيكون بعض “العدالة”.
إستوقفني سؤال أحد الآباء:
ماذا لو كان مكان يسوع أيّ منا؟ ما هو أول شيء كنا سنقوم به بعد القيامة؟
بالطبع: هو ملاحقة جميع المتورطين أو على الأقل فضحهم “في وجههم” وأمام الملء لإذلالهم تماما.
لكن ليس يسوع.
ماذا فعل الرب بعد القيامة؟
ها هو يعزي أولئك الذين كانوا الأكثر إضطراباً وحزناً من جراء موته…
ظهر تعزيةً لمريم المجدلية – التي في حزنها الشديد للحظة لم تتعرف عليه – ثم حلّ سلاماً لتلاميذه الخائفين وعلامة لتوما المتشكك وبعده لجميع المتسائلين… فلنفكر أن الرب في لحظة انتصاره، في لحظة انا أو أنت كنا سنقوم بالانتقام الفظيع… سنعود موتاً وإذلالا عاد هو حياةً و سلاماً!!
في أكبر انتصار في تاريخ الانتصارات العظيمة، يبقى الله محبةً و رحمةً… وهذا يعلمنا الكثير عن قلب الله.
في منطقنا البشري، شكل العدالة لدينا يتغير ببطء. ما كان يستأهل الإعدام من بضع سنوات أصبح اليوم مرض نفسي يُعالج في المصحات.
و في وصف الله نقول: الله محبة – ولكن – ” عادل” أيضاً !
غير أنّ البيان الأكثر دقة هو: “الله محبة، والله عادل أيضًا”.
أعمال دينونة الله لا تتناقض مع طبيعة المحبة. تلك ال (لكن) في الوسط تقول أنّ المحبة والعدالة متعارضين.
لا.
في الله – كما يقول المزمور – (الرحمة والحق إلتقيا. البر والسلام تلاثما).
لأن الرب يعرف القلوب و الكلى و معرفته تتخطى تطور فهمنا لتعقيدات الآثام وكيفية علاجها :
رحمته لا تتناقض مع عدالته.
وفيما تصرخ البشرية (دماؤه علينا..) يصرخ السيد من علو صليبه ، ” لا يدرون ماذا يفعلون!'”
اليوم، في عيد الرحمة الإلهية ، فلتستوقفنا عدالة الله – لا لأنه في مزاجيته له شؤون!
بل لأن في صلبها رحماً وولادة جديدة لمن ظن انه ملعون …
في قلب الله عدالة صافية فيها رحمة تسمح لنا جميعاً بعد موت الخطية ” أن نكون”!
أليس بيننا هالك إذاً؟ تبقى حرية كل منا الجواب :
هل أولد من جديد أو في إثمي أختار البقاء مدفون؟
في هذا الوقت،على كل قلب قبل رحمة الله أن يكون ممن يرحمون…
WIKIMEDIA COMMONS
الرحمة والحق التقيا
هل أولد من جديد أو في إثمي أختار البقاء مدفون؟