تغتاظ من ابنٍ لا يستشيرك عند مباشرته عملًا مهما كان، لماذا لا تستشير أباك بالصّلاة؟
“الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ”
هكذا رفع أبونا يعقوب نظره نحو السّماء، فأمضى العمر رافعًا إلى الرّبّ أجمل التّسابيح، ورافعًا استشارته الدّائمة إلى العناية الإلهيّة الّتي ألهمته إلى الخير، وأهدته أجمل النّعم…
أمعن النّظر في وجه المصلوب…صلّى من أعماقه، فبات الصّليب،حبيب قلبه، ونور طريقه، وفرح حياته …
أيقن أنّ الصّلاة هي مفتاح السّماء، واعتبرها قادرة على طرد الخطيئة من نفوسنا. دعانا لنحسن الصّلاة، ونعبد الله، ونشكره على إنعاماته، ونطلب منه الغفران. دعانا لنصلّي، بانتباه، وتواضع، وثقة، وثبات…
اعتبر أنّ، كما الجسد يحتاج إلى النّفَس ليحيا، هكذا النّفس تحتاج إلى الصّلاة، لتحيا فرحها الحقيقي…
لطالما ردّد:” بالمال نشتري كلّ ما يعوزنا من عند النّاس، وبالصّلاة، ما يعوزنا من عند الّله.”
لطالما اعتبر أنّ الصّلاة هي قوّة تؤدّي إلى القداسة، وحدها تقرّبنا من الله….
طوبى لنا … لأننّا عرفناك “أبونا يعقوب”…
طوبى لنا إن سعينا كي نلتقي، حول جمال كلمتك يا ربّ …
طوبى لنا إن حملنا شموع الإيمان، واستنرنا بضياء الصّلاة…
لا شيء يقدر أن يجعلنا ننمو في الفضيلة ، مثل المداومة على الصّلاة، لأنّها تهيّئ لنا الدّخول، إلى ساحات السّماء الرّحبة…
“فاسهروا، وصلّوا في كلّ حين، حتّى تقدروا أن تنجوا من كلّ ما سيحدث، وتقفوا أمام ابن الإنسان”( لوقا 21/ 36)
بالصّلاة نترفّع عن دونيّة ما نعيش، ونتّحد بالله عبر الكلمة الهامسة في قلبه، ذاك السّرور الحقيقيّ…
بالصّلاة ، تصبح قلوبنا دررًا نقيّة ، تبرق طهرًا، وقداسة… لأنّها صلاة من عمق القلب …
” من الأعماق صرخت إليك يا ربّ…”(مز130/8) تلك الصّلاة الصّارخة التّي تحوّل قلوبنا، من أعضاء جسديّة، إلى قلوب حيّة نابضة على وقع ترانيم سماويّة…
“الصّلاة نور النّفس، هي الوسيطة بين الله، والإنسان، الصّلاة تقودنا إلى الينبوع السّماويّ، وتجري منّا ينبوع ماء ينبع للحياة الأبديّة….” القديس يوحنّا الذّهبي الفم.
لنصلِّ.. ولندع الصّلاة تتفجّر منّا، ينابيع خير، وفرح، وحبّ…هكذا نغدو أقوياء، وثابتين في الإيمان، هكذا نستطيع التماس رحمة الرّبّ بالرّغم من كلّ صعوبة نحياها، هكذا نندفع نحو التّمتّع بحبّه اللّامتناهي، ونجعل قلوبنا مستعدّة، وفرحة باستقباله، وبلقياه…