The mosaic ceiling of the Baptistery San Giovanni in Florence

WIKIMEDIA COMMONS

ماذا نتعلّم من يوحنا المعمدان؟

“جئت لألقي نارًا على الأرض، وكم أود أن تكون قد اشتعلت… أتظنون أنى جئت لألقي سلامًا على الأرض؟ كلا، أقول لكم بل انقسامًا ” (لو12) كم يساء فهم هذا الإعلان الرباني… وعلى مرّ العصور تمكّنا من إخفاء الكثير من افتقارنا إلى المحبة، […]

Share this Entry

“جئت لألقي نارًا على الأرض، وكم أود أن تكون قد اشتعلت… أتظنون أنى جئت لألقي سلامًا على الأرض؟ كلا، أقول لكم بل انقسامًا ” (لو12)
كم يساء فهم هذا الإعلان الرباني… وعلى مرّ العصور تمكّنا من إخفاء الكثير من افتقارنا إلى المحبة، والتسامح وقبول الآخر داخل عباءة النبوة. عشنا مدعين أن الانقسامات التي نتسبب فيها هي الانقسامات التي يشير إليها الرب. لكننا مخطئون.
فالنار التي يتوق الرب بشغف لإحضارها إلى هذه الأرض ليست نار التقسيم، بل هي نار الروح القدس، نار العنصرة، أي نار المحبة، السلام، الفرح، والتسامح والغفران… وهذه النار توّحد لا تقسم. إذاً كيف يدخل الإنقسام؟ ولماذا يخبرنا يسوع أن امام شخصه وتعليمه سيتجرّح السلام؟ وإذا كان الهدف من النار التي القاها على هذه الأرض هو توحيدنا، فلماذا تفرقنا في كثير من الأحيان؟

رسالة السيد المسيح هي رسالة حب وسلام: سلام مع الله، وسلام مع الناس: أحباء وحتى أعداء. فالسلام داخل نفوسنا ينعكس سلاماً مع الآخرين. إذاً ليست رسالة يسوع هي التي تفرّق، إنما كيف نتفاعل مع تلك الرسالة هو ما يقسمنا. امام إعلاء الحقيقة تنقسم القلوب: فهناك من يقبلها وهناك من – بضيق أفق – يُعلي عليها ما يعتبره من “مصلحته” ويجرّح سلامها .للأسف هذه الديناميكية إستمرت على مر القرون حتى يومنا هذا.

أمس احتفلنا بذكرى ولادة نبي أطلق عليه الرب لقباً فخماً معتبراً إياه من “اعظم مواليد النساء” (مت 11: 11). إنه يوحنا المعمدان، الذي إبان زيارة مريم الحامل برب الأكوان، أخذ “نار الروح القدس” و هو بعد جنين في بطن أمه اليصابات مصان (لو 1: 41)
فبات يوحنا شجاعًا، ذو ضمير حي، و في إعلائه الحقيقة، لم يكن من ذوي الثياب الناعمة إنما مستعد ان يشهد للحق مهما كلفته هذه الشهادة. لكن عباءة النبوة لا تغطي استخدام الحقيقة لتبرير الهجوم على الآخر بكراهية. وما يميّز يوحنا هو إخلاصه للحقيقة والشهادة لها حتى الإستشهاد لا غيظاً أو كرهاً بأي انسان بل محبةً بما هو لخير الإنسان.

في مناظراتنا ومقاراباتنا حول القضايا العامة السياسية والدينية والسلوكية الأخلاقية … غالباً ما نقف وراء ستر “إعلان حقيقة ” ما لنستهدف آخرين لا نستسيغهم. عندها لا نكون انبياء عصرنا و لا نارنا نار العنصرة بل نار كبرياء بابل…وسيتهاوى برجنا! من يوحنا المعمدان الشاهد والشهيد فليلفت انتباهنا اليوم الأمانة للحقيقة بتجرد من دون خلفيات انتقامية.
الحقيقة والمحبة لا يتناقضان ولا ينقسمان و لكن امام قبولهما موحدين سيظل البشر قسمين…
في هذه الأثناء، يبقى الثناء لمن – كالسيد – مستعد ان يقلب طاولة تجار الهيكل و- كالسيد – يكون ايضاً على استعداد أن يموت من اجلهم!!!

Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير