“نصلّي اليوم مِن أجل الموتى المؤمنين ولاسيما مِن أجل ضحايا فيروس الكورونا: مِن أجل جميع الذين ماتوا وحدهم، دون عناق أحبائهم؛ ومِن أجل جميع الأشخاص الذين ضحّوا بحياتهم في خدمة المرضى”: تلك كانت دعوة البابا فرنسيس للصلاة على نيّة ضحايا الوباء ضمن التغريدة التي نشرها ظهر البارحة 2 تشرين الثاني 2020 على حسابه على موقع تويتر.
أمّا خلال فترة بعد الظهر، كما كتبت الزميلة آن كوريان، فقد احتفل البابا فرنسيس بالقدّاس الإلهيّ من كنيسة مقابر الحجّاج الألمان، مُحاطاً ببعض الأشخاص الذين وقفوا على مسافات آمنة من بعضهم البعض، مُشجِّعاً المؤمنين في العظة التي ألقاها على ترداد جملة أيوب، في لحظات الفرح كما في اللحظات السيّئة “أعرف أنّ مخلّصي حيّ وأنّني سأعاينه”.
كما ودعا أسقف روما في عظته على التمسّك بحبل الرجاء الذي يرسو في السماء، “خاصّة خلال اللحظات التي نكون فيها محبطين وفي أسوا حالاتنا”.
© Vatican Media
وأعطى البابا مثل أيوب الذي كان مهزوماً “أو بالأحرى منتهياً في الوجود بسبب مرضه وتقرّحات بشرته، على سرير الموت. ومع ذلك، كان متأكّداً من أنّ إلهه حيّ وأنّه “سيقوم آجلاً على التراب” (أي 19 :25). وعندما كان أيوب في أسوأ حالاته، كانت هناك معانقة نور ودفء تُعزّيه وتُطمئنه: سأرى المخلّص بهاتين العينَين. سأراه شخصيّاً؛ وإن رأته عيناي، فلن يعود غريباً”.
وأضاف البابا: “هذا اليقين في اللحظة الأخيرة من الحياة هو الرجاء المسيحيّ، رجاء هو أشبه بهبة، وهبة علينا أن نطلبها لأنّنا نعجز عن التمتّع بها بقوّتنا الخاصّة. الرجاء هبة مجانية لا نستحقّها. الله يقدّمها لنا، إنّها نعمة… هناك أمور كثيرة سيّئة تدفعنا إلى اليأس وإلى الاعتقاد بأنّ كلّ شيء سيكون هزيمة نهائيّة، وأنّه ليس هناك شيء بعد الموت… وهنا، يعود صوت أيوب: أعرف أنّ مخلّصي حيّ وأنّني سأراه بعينَيَّ”.
وتابع الحبر الأعظم شرحه قائلاً: “بولس يقول لنا إنّ الرجاء لا يُخيّب. الرجاء يجذبنا ويُعطينا معنى لحياتنا نحو الفرح الأبديّ. الرجاء مرساة من الجهة الأخرى ونحن نتمسّك بحبله. فلنكرّر دائماً جملة أيوب… والرب يؤكّد هذا الرجاء الذي لا يُخيّب: “مَن وهبه الآب لي يجيء إليّ” (يو 6 : 37). هذه نهاية الرجاء: الذهاب نحو يسوع. “ومن يأتي إليّ، لا أرميه خارجاً. فما نزلتُ من السماء لأعمل ما أريده أنا، بل ما يريده الذي أرسلني” (يو 6 : 37 – 38). الرب يستقبلنا حيث هناك المرساة. والحياة في الرجاء هي العيش متشبّثين بالحبل، عارِفين أنّ المرساة هناك. وهذه المرساة لا تُخيّب أبداً”.
وختم البابا عظته قائلاً: “اليوم، فلنفكّر في العديد من إخوتنا الذين انتقلوا من بيننا، وسينفعنا النظر إلى المقابر ثمّ إلى الأعلى، وتكرار جملة أيوب: أعرف أنّ مخلّصي حيّ، سأراه، وعيناي ستعاينانه ولن تعاينا شخصاً آخر. هذه هي القوّة التي يمنحنا إيّاها الرجاء، تلك الهبة المجانية. فليُعطِنا الرب إيّاها”.
أمّا بعد القدّاس، فقد توجّه الأب الأقدس إلى مغارة بازيليك القدّيس بطرس للصلاة على قبور أسلافه.