سبق أن نشرنا الأسبوع الفائت مقابلة مع الخوري غي سركيس حول كتاب “حوار الأديان والحوار الإسلاميّ المسيحيّ”، واليوم نقتبس نصًا من الكتاب للتعمّق بأسس حوار الأديان وطبيعته حيث يقدّم فيه الكاتب ثلاث نصائح لالتزام الحوار بين الأديان.
“إنّ النصيحة الأولى لالتزام الحوار بين الأديان هي التمسّك بإيمان صلب. فنحن لا ندخل الحوار كما ندخل “متجرًا روحيًّا” نبحث فيه عن منتوجات فعّالة وغريبة. ولا نسعى لتنشيط إيمان مسيحيّ لا يحرّك حياتنا الروحيّة وتغييرها. فالذي يدخل في هذا الاستعداد قد يخشر ما تبقّى له من الإيمان القليل. فلا قدرة على تخطّي صعوبات الحوار بين الأديان إلاّ من خلال أصالة المتحاورين المدعوّين إلى الشهادة بقوّة لما يؤمنان به حقًا.
وكما أنّ الإيمان الصلب شرط لحوار مثمر، كذلك يدعو هذا الحوار إلى اهتداء القابلين عليه. ولكن كيف يمكن التنسيق بين الإيمان القويّ والدعوة إلى الاهتداء من خلال لقاء المؤمنين المنتمين إلى دين آخر؟ إنّ الاهتداء الذي نعنيه ليس الانتقال من دين إلى آخر، وإن كان هذا الأمر ممكنًا، بل نتحدّث عن تنقية إيماننا والتعمّق فيه، إذ تُلزمنا عمليّة الحوار العودة إلى ينابيع تقليدنا، والتأمّل فيها وفهمها في ضوء الأسئلة الجديدة التي تطرحها الأديان الأخرى.
قد يكون الاهتداء الأوّل هو التغّلب على الخوف الذي يتملّكنا واقفين إزاء ما نجهله أو أمام ما لا نعرفه جيّدًا. فهذا الخوف يجعلنا نتردّد في المبادرة إلى لقاء الأديان الأخرى.
ولذلك، فالنصيحة الثالثة، وهي ربّما الأهمّ، تتمثّل ثقةً بالله لأننا مقتنعون بأنه يحرّك قلوب الأشخاص الذين سنلتقيهم. إنّ هذا الخوف من الإنسان المختلف الذي ننظر إليه، أحيانًا رغمًا عنا، على أنه خصم وليس كونه شريكًا مستقبليًا، ليس الحاجز الأكبر أمام الحوار. بل إنّ جهل الآخر هو ما يغذّي هذا الخوف. ويزول هذا الإحساس عادةً بفعل اللقاءات التي نختبرها مع أشخاص يعيشون إيمانهم. ولكن ثمّة خوف أكثر إحباطًا. فالدخول في منطق الحوار يحتّم علينا تغيير طريقة تفكيرنا، وقد يصل الأمر إلى الاعتقاد أنّه قد يغيّر الثوابت التي يرتكز عليها إيماننا المسيحيّ” (دنيس جيرا)”.