“عشت ثلاثة أوبئة في حياتي: مرضي، ألمانيا وكوردوبا”: هذا ما أفصح عنه البابا فرنسيس للكاتب أوستن إيفري في كتابه الجديد “زمن للتغيير” الذي صدر في 24 تشرين الثاني، وهو من منشورات فلاماريون.
وقد شرح الأب الأقدس في الكتاب عن “أوبئته” قائلاً: “ما فهمتُه هو أنّنا نعاني كثيراً، لكننا نسمح للأمر بأن يُغيّرنا، فنخرج منه أفضل. وإن غُصنا فيه، نخرج منه أسوأ”.
يتذكّر البابا فرنسيس المرض الذي أصاب رئتَيه عندما كان يبلغ من العمر 21 سنة، كما كتبت الزميلة أنيتا بوردان من القسم الفرنسيّ في زينيت: “عندما أصابني المرض، كان هذا اختباري الأوّل للحدود والألم والوحدة. لقد غيّر الأمر رؤيتي للحياة. فطوال أشهر، لم أعرف مَن أنا، ولا إن كنتُ سأعيش أو أموت. والأطبّاء أيضاً لم يكونوا يعرفون إن كنتُ سأنجو. أذكر أنّني عانقتُ أمّي وقلتُ لها: قولي لي فقط إن كنتُ سأموت. كنتُ وقتها في السنة الثانية من دراستي الكهنوتيّة في إكليريكيّة بوينس أيريس”.
ويُخبر البابا أيضاً في الكتاب عن استئصال القسم الأعلى من رئته اليُمنى: “أذكر التاريخ، 13 آب 1957. نقلني إلى المستشفى عميدٌ فهم أنّ زُكامي ليس من النوع الذي تتمّ معالجته بالأسبيرين. وبسرعة، سحبوا ليتراً ونصف من المياه من الرئة، وبقيتُ أناضل لأجل حياتي. في تشرين الثاني، أُجريَت لي العمليّة لاستئصال جزء من الرئة اليمنى، ولديّ فكرة عمّا يشعر به المُصابون بفيروس كورونا عندما يناضلون لأجل تنشّق الأكسجين تحت جهاز التنفّس!”
وهنا، أشار الحبر الأعظم إلى الدور الذي لعبته الممرّضتان خلال “طريق الجلجلة”، خاصّة الممرّضة الأولى التي طلبت أن تتمّ مضاعفة جرعة الدواء “لأنّها عرفت أنّني كنتُ أموت… لقد أنقذت حياتي… والممرّضة الثانية اتّخذت أيضاً مبادرة التخفيف من ألمي عندما وصفت لي سرّاً (بدون أن يعرف الطبيب المُعالِج) جرعات إضافيّة… الممرّضتان هما الآن في السماء، لكنّني أدين لهما بالكثير. لقد واجهتا الجميع لأجلي وحتّى تعافيّ الكامل. لقد علّمتاني معنى اللجوء إلى العِلم، لكن أيضاً معرفة كيفيّة تخطّيه للإجابة على حاجات خاصّة”.
اقتلاع الجذور والتطهير
لاحقاً في الكتاب، تطرّق البابا فرنسيس إلى معاناته في ألمانيا، ضمن ما أسماه “كوفيد اقتلاع الجذور”، وهو كان اقتلاعاً طوعيّاً لأجل أطروحته، وَصَفَهُ بـ”الوِحدة التي نشعر بها عندما نكون غير مستقرّين”.
أمّا الكوفيد الثالث فكان “اقتلاع جذور آخر” عندما أُرسِل إلى كوردوبا بين 1990 و1992: “أمضيتُ سنة و10 أشهر و13 يوماً في دير اليسوعيّين… حيثُ عشت نوعاً من الانعزال والحَجر… كان كوفيد كوردوبا تطهيراً حقيقيّاً منحني تسامُحاً أكبر وفهماً أكبر وقدرة على الغفران، بالإضافة إلى تعاطف متجدِّد للضعفاء ولِمَن ليس لديهم سُلطة؛ كما وعلّمني الصبر، الكثير من الصبر، والذي هو هبة فهم أنّ الأشياء المهمّة تحتاج إلى الوقت وأنّ التغيير حتميّ، وأنّ هناك حدوداً وعلينا العمل داخلها مع إبقاء أعيننا نحو الأفق، كما فعل يسوع ذلك. تعلّمتُ أهمية رؤية ما هو كبير في الأشياء الصغيرة، والأخذ بعين الاعتبار أنّ هناك صِغراً في الأشياء الكبيرة. إنّها فترة نموّ حيال أمور متعدّدة، النموّ الجديد الذي يحصل بعد تشذيبٍ شديد”.