التأمّل المسيحي نموٌّ في حياة الفضيلة
“ليقبّلني بقبلات فمه، لأنّ حبّك أطيب من الخمر!” نشيد الأنشاد 1/ 2
في معرض مقارنته بين “تأمّل الوعي الكامل” والتأمّل المسيحي، خصوصًا التأمّل بحسب القدّيسة تريزا الأفيلية، من أجل تبيان التناقض بينهما بالرغم من تشابههما الظاهري، يطرح الأخ “باتيست للصعود” من كرمل بوردو، 10 أسئلة.
عاشرًا يلفتُ الأخ “باتيست” إلى أنّ التأمّل المسيحي يترافقُ بنموٍّ في حياة الفضيلة وخصوصًا في فضائل ثلاث هي التواضع، المحبّة والتخلّي بحسب القديسة تريزا الأفيلية. وهذا الأمر لا يحصل في تأمّل الوعي الكامل.
تشرح القديسة تريزا في المنازل عن درجات الحبّ في التأمّل فتقول: “إنّ التقدّم …والصعود إلى المنازل التي نتمنّى، لا يقومان على أن نُكثر التفكير، بل على أن نحبّ كثيرًا… ولعلّ أدنى درجةٍ في الحبّ أن نعمل قدر طاقتنا على اجتناب إهانة الله فيما الدرجة الأسمى أن تطابق إرادتنا إرادته تمامًا، وهو ما يتحقّق في القران الروحي. والجامع المشترك الذي يسهّل القربى من الله، ويدلّ بالتالي على حصول المودة الإلهية، إنما هو التأمّل من حيث هو حديث مع الله، وتفكّر فيه، وهو الباب الذي ندخل به إلى القصر” [1]. تعتبر القديسة تريزا النفس قصراً فيه كثير من المساكن وتتحدّث عن منازل سبع وحسب. “والتواضع هو أساس البناء الروحي كلّه” [2].
عمل النعمة الفائق الوصف
بعد أن عرض الأخ “باتيست” نقاط التمييز بين التأمّليْن، يقول إنّه بإمكان فهم عقدة الإشكالية على ضوء تعليم القديس يوحنّا الصليب. ويستنتج أنّه لا يجب الخلط بين الشعور بالراحة الذي يعطيه تأمّل الوعي الكامل، والسلام الفائق للطبيعة الذي في التأمّل المسيحي. يقول لنا القدّيس يوحنا الصليب أنّ هذا السلام الفائق للطبيعة الذي تهبنا إيّاها النعمة، يُغنينا بكنزٍ إلهي كبير يشبّهه بالرائحة العطرة جدًا. وينصح أن نحرص على شؤون الله بيقظةٍ كبيرة لأنّ هناك ربحاً لا محدود لمن ينجح وخسارة لا محدودة لمن يفشل. في التأمّل المسيحي، يضع الربّ فينا كنوزًا لتقديسنا، تنمّينا في المحبة وتُشركنا في خلاص النفوس.
نشر حضارة الحبّ !
ويتساءل الأخ “باتيست” في آخر حديثه قائلاً إنّه إذا سمح الربّ بهذا الإنتشار الواسع جدًا لتأمّل الوعي الكامل، قد يشبه هذا الأمر ما حصل قديمًا في الإمبراطورية الرومانية، التي فتحت وعبّدت طرقاً كثيرة سمحت للمسيحيين فيما بعد ببشارة العالم كلّه. قد يكون ازدهار تقنية تأمّل الوعي الكامل مناسبة لنا كمسيحيين أن ننشر بالمقابل تقليدنا الصوفي المسيحي والبشارة السارة لكلّ الناس.
وأضاف إنّ انتشار التأمّل المسيحي سيساهم بلا شك في بنيان “حضارة الحب” التي تكلّم عنها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، لأنّ التأمّل هو الوسيلة الأساسية، بالإضافة الى عيش حياة الكنيسة الأسرارية، والفضائل المسيحية بحسب تعليم الكنيسة المقدّسة، التي من خلالها يُفيض الربّ محبّته في قلوبنا. كلّما انتشر التأمّل المسيحي كلّما ساهمنا في نشر الإنجيل في العالم .
يتبع
لمجد المسيح
[1] المنازل: 4،1، 7 و1،1
[2] المنازل 7، 4، 8