اليوم ومع انتشار فيروس كورونا، ننظر الى “التباعد الاجتماعي” كواجب… ويبدو – أقلّه من الخارج – وكأننا نجرّح الإلفة. وقد ننظر بتحسّر ومِن بعيد إلى حياة القدّيسين الأبطال الذين خدموا المرضى والمحتضرين، من الأم تيريزا إلى سان داميان مولوكاي وآخرين…
فهل هنا دعوة إلى تجاهل التحذيرات من قبل السلطات الطبية؟
حتماً لا!!!
إذاً، كيف نحافظ على روح الخدمة ونكون “مريميّين” نزور المحتاجين في زمن COVID-19؟
الحقيقة أنه “في عالم يتقاتل فيه الناس على ورق التواليت”، إننا مدعوون أن نكون من المصابين بحبّ الله وبالثقة الهادئة بأنّه كسر شوكة الموت بقيامته.
وعلى ضفة الواقع، هذا لا يعني أن نتجاهل خطورة الوباء، ولا أن نتغاضى عن المعاناة التي يسبّبها. بل بروح المسؤوليّة – كلّ من موقعه وبما توفّر بين أيدينا من وسائل، فلنكن حاضرين.
متّصل بالقطاع الطبي؟ قدّم العناية الطبية.
تعرف من أصابهم الفيروس ومحجورين في منزلهم؟ إستخدم وسائل التواصل الآمنة والمتاحة: من خلال هاتفك الذكي تحدّث معهم واخرق عزلتهم وأشعِرهم أنّك تحمل همّهم…
بحاجة الى أغراض ولا يستطيعون الخروج؟ أترك حاجياتهم على أبوابهم ولا تنسَ أن تترك وردة أو بطاقة تعبّر عن اهتمام ومحبّة.
هكذا فلنخدم، ونعطي بما هو متوفّر… ولنصلِّ فنلمس بشكل آمن أولئك الخائفين ونحن لحاجتهم متيقّظين.
في ذروة الحرب الباردة وكلّ مخاوفها المنتشرة بشأن حرب نووية، كتب يوماً C.S.Lewis: “إذا كنّا سنُدمَّر جميعًا بسبب قنبلة ذرية، دع تلك القنبلة عندما تأتي تجدنا نقوم بأشياء منطقية وبشرية – الصلاة، والعمل، والتعليم، والقراءة، والاستماع إلى الموسيقى، والعناية بأطفالنا، والدردشة مع الأصدقاء – لا ندعها تجدنا مثل الأغنام المرعوبة… قد يكسرون أجسادنا (أي ميكروب يمكنه فعل ذلك) لكن لا ندع الخوف يجتاح عقولنا”.
اليوم، في مساحاتنا ولا سيما ساحات عصرنا التي هي وسائل التواصل الإجتماعي، كلّنا نستطيع الحضور: فلنعكس الحكمة والمحبّة والإيجابيّة. مثلاً ننشر التوعية لا روح الخوف… نشارك أخبار شفاء الألوف دونما إستخفاف بقساوة الظروف.
فليكن حضورنا مريميّاً يحمل فرح الله والرجاء به دون أن يسقط الواقع وتحدياته…
قد يطول مأزقنا مع ال COVID-19 وقد لا يطول… على أية حال لا ليل يدوم! الأهمّ، على درب اليوميات، أن نعرف كيف نحافظ على نبض الحياة … نعم – قد يكون نبضاً مختلفاً عن ذي قبل – ولكنّه موجود!!
قبيل الفجر، على درب ميلاد جديد: فلنشرّع أبواب القلب للحب؛ هو لا يموت، يطرد الخوف ولا ينفصل عن الحكمة… ومعه تُشرق شمس الحياة وبالخير تجود!