Unsplash - pixabay CC0

من قال إنّ عيد الحبّ هو فقط في 14 شباط؟

أحبب حتى في زمن الكورونا

Share this Entry

قد يكون شباط شهر الرومانسية وعيد الحب، لكن من قال أن التركيز يجب أن ينصب على الحب الرومانسي وحده أو على تاريخ معين، فما هو الحب خصوصاً في زمن الحظر والإغلاق وتراكم الأزمات بأنواعها المختلفة؟ الجواب نجده في رسالة كورنثوس الأولى (13: 4- 7) عن المحبة: “المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر، ولا تنتفخ، ولا تقبح، ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق، وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء”. من المثير للاهتمام أن الكلمة الأولى التي اختارها بولس الرسول لوصف الحب هي الصبر والكلمة هنا تعني أن نتحمل بصبر أخطاء الآخرين، فهي الميزة الأولى للمحبة الحقيقية، إنه اختيار أن تحب الآخر كما هو بما له وعلى الرغم مما عليه، هذا النوع من الحب يحتاج إلى قدر كبير من الصبر، وقدر هائل من الحكمة، ودرجة كبيرة من الحنان.

في عالمنا عندما نفكر في الحب فغالباً ما تكون نظرتنا محدودة جداً، وجهة النظر الكتابية عن الحب هي أن تحب الآخر ليس بسبب ما يمنحك إياه، فالحب بمعناه الأوسع هو نكران الذات وهو عطاء دون أن تتوقع شيئاً في المقابل، هو حب الأم أو الأب لأبنائهم بكل ايجابياتهم وبرغم سلبياتهم، هو حب الأبناء لوالديهم حتى في عجزهم ومرضهم، هو استمرار الزوج أو الزوجة في الحب والإخلاص رغم الظروف الصعبة والعقبات التي قد يمر بها الشريك، يبحث الحب الحقيقي عن الأفضل للآخر بدلاً من الذات، هذا هو الحب الحقيقي بعيداً عن الأنانية.

كبشر عادة ما نجد أنفسنا في عالم مليء بالمنافسة فنتمنى دائماً ما يمتلكه الآخرون ولا نكتفي أبداً، نتباهى بإنجازاتنا ومكانتنا دون أي اعتبارات خاصة بالآخرين الذين قد لا يتمتعون بذات الامتيازات، نسعى دائماً نحو مصالحنا فقط دون مراعاة الآخرين، نغضب بسهولة من الناس أو الأشياء التي تحدث حولنا، فنسعى للانتقام لأننا نؤمن بالعدالة الفورية التي لا مكان فيها للمغفرة، نحمي المقربين إلينا فقط أو الأقوياء في المجتمع، لا نثق بأحد إلا أنفسنا، ونريد كل الأشياء لأنفسنا، لأننا نعتقد أن الحب يجب أن يكون تجاه أنفسنا وليس تجاه الآخرين، نميل إلى الكراهية وعدم الاحترام والسخرية والانتقاد والحكم على الأشخاص من حولنا، ألا يجب أن يكون الأمر بالعكس؟ ألا ينبغي أن يتغلب الحب على كل المشاعر الأخرى؟ ألا يجب أن نمنح المحبة والاحترام واللطف فرصة قبل الحكم أو الكراهية أو عدم الاحترام؟ لمرة واحدة، ألا يجب أن نحاول إيجاد الإيجابية والخير في شخص ما قبل الاستسلام لرصد الأخطاء والوقوع في أفخاخ السلبية؟ يمكن أن يكون عالمنا مكاناً قاسياً لكن تبقى المحبة هي دواء لعالمنا المؤلم.

 لا يقتصر يوم عيد الحب على تبادل الورود والهدايا والبطاقات فحسب، بل يتعلق بمعنى أشمل من ذلك، إنه يتعلق بالبذل اللامحدود والاهتمام بالآخرين واحتضان حتى من نراهم أعدائنا، فالحب هو عمل الله فينا “ومن لا يحب لم يعرف الله، لأن الله محبة” (1 يو 4: 8)، لذلك كل يوم هو عيد للحب، علّم نفسك أن تعطي بحرية دون تردد، ودعونا نتأكد من أن علاقاتنا مع بعضنا البعض تشع وتعكس الحب الغير مشروط، إنه أنقى أشكال الحب، وإذا سألتني، فهذا هو الشعور الذي يجب أن نحتفل به في عيد الحب.

Share this Entry

الأب عماد طوال

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير