كان مكان ولادة دايفد هوكني، أي مدينة برادفورد الشماليّة، خلفيّة لفيلم “الكاهن” The Priest وهو فيلم يرسم الحياة في رعيّة “مريم والدة الإله” منذ بداية الصوم وحتّى أحد الفصح، الفترة الأهمّ في روزنامة الكنيسة الليتورجيّة.
بصفته كاهناً، يدعم الأب بول غروغان الناس في أفراحهم وأحزانهم: يبدأ الفيلم بجنازة ثمّ يعرض معموديّة ويشاطر حميميّة وجمال مشهدٍ على فراش الموت. إنّ عمل “الكاهن” هو عمل ينمّ عن حبّ وخدمة، وليس فقط عبر إدارة رعيّته، بل عبر تأمين الدعم الاجتماعي الذي لا يُقدَّر بثمن لهذه الجماعة.
عمِل الأب بول غروغان (المولود في هاليفاكس) كصحافيّ بعد تخرّجه من جامعة كامبريدج وتمرّس للكهنوت في “المدرسة الإنكليزية” في روما من أواخر الثمانينيّات وحتّى منتصف التسعينيّات، كما ورد في مقال نشره القسم الإنكليزي من زينيت.
أمضى فترة من الزمن كمرشد في جامعةٍ وفي مستشفى، وعمل في مؤسّسة Young Offenders. كما وكان مدير الدعوات لصالح أبرشيّة “ليدز”، وهو منذ 2015 كاهن رعيّة “مريم والدة الإله”.
في الفيلم، يقول الأب بول إنّه فكّر في سنّ مبكرة أن يصبح كاهناً، إلّا أنّه قرّر ألّا يعلن الأمر باكراً. وتصوير الفيلم جعله يُدرك كم أنّه محظوظ لكونه كاهناً. “سمحت لي كاميرا مايكل أن أنظر إلى حياتي وأن أعمل من وجهة نظر خارج ذاتي. هناك ثنائيّ في حِداد بسبب موت طفلهما المعوّق، وأنا أمضيت وقتاً معهما في حزنهما… امرأة مُسنّة تُحتضر، ولي أنا تقول كلمات حُفِرَت في ذاكرتي: أنا لا أخشى الموت… ومع راشدَين يُعانيان مِن صعوبات في التعلّم ويتوقان للحصول على الأسرار الأولى، نتشاطر أفضل ما لديّ لتقديمه”.
كما وأنّ التصوير جعله يفكّر مليّاً في إخفاقاته: “كنتُ دفاعيّاً للغاية عندما انتقدتني أرملة لعدم زيارة زوجها (الذي توفّي مؤخّراً) كفاية، إلى درجة أنّني كتبتُ لها رسالة مُحاولاً تبرير نفسي. كان هذا عملاً قاسياً وجباناً، فيما ابنة أخيها تلومني في مقطع مِن الفيلم. وفي شبابي، كنت مُنكِراً لبعض المناسبات التي جعلتني قريباً جدّاً من نساء في علاقاتي. وعندما ذكرتُ هذا في الفيلم، شعرت بخجل بسبب الارتباك والأذى اللذين تسبّبتُ بهما”.
من ناحيته، يقول أسقف “ليدز” ماركوس ستوك (أسقف الأب بول) إنّ الفيلم “يُصوّر أجمل وأسوأ ما في ممارسات الكهنوت، وهو يمنح المُشاهد رؤية للحياة اليوميّة لكاهن كاثوليكيّ. كما وأنّه يعرض اتّساع الكهنوت ويُظهر دخول الكاهن إلى حياة الناس خلال لحظات بارزة في حياتهم سواء في الفرح أو في الحزن. بصراحة وبصدق، إنّه يصف أفضل وأسوأ ما في الكهنوت، لكنّه يسمح أيضاً لإيمان الكاهن والتزامه بأن يلمعا في كلّ ما يفعله باسم المسيح والكنيسة”.
أمّا صانِع الوثائقي مايكل وايت فيقول إنّه لا يعتبر أبداً الامتياز جرّاء عمله مِن المُسَلَّمات، بل يؤكّد أنّ “تصوير الوثائقي هو امتياز لدخول حياة الآخرين بحميميّة، وهو غالباً اختبار للتواضع… خاصّة عندما يطلب الأفراد بأنفسهم أن يتمّ تصويرهم على فراش الموت مع منحهم مسحة المرضى”.
ويُضيف وايت أنّ هذا المشروع كان وليد انشغاله ببعض أعضاء الكنيسة الذين يؤمنون ويُظهرون التزاماً حيال إيمانهم، على الرغم من الفضائح التي تهزّ الكنيسة، مُشيراً أيضاً إلى أنّ العمل مع الأب بول جعله يرى الكهنوت كما يجب أن يراه.
نشير هنا إلى أنّ “الكاهن” فيلم وثائقي يلي فيلمَي No greater love وRelics and roses ليُكمل مايكل ثلاثيّته التي تستكشف الإيمان في الكنيسة الكاثوليكيّة.