أنت أروع ما خلقه الله. أنتِ أجمل ما أبدعه الله. نحن أروع ما أبدعه الله الخالق. فالإنسان يجسّد عظمة الخلق، ويجسّد عبقرية الخالق، وإذا كان الإنسان هو صورة الله فهذا يعني أننا الصورة التي تظهر إبداع الخالق، ومثاله يعني أنّ الإنسان مبدع مثل خالقه. وبداخل كل واحد منا طاقات خلاقة وطاقات إبداعية غير محدودة. كلّ ما علينا هو اكتشاف هذه الطاقات.
نحن مبدعون بالفطرة، لأنّ إلهنا الخالق مبدع. نحن قادرون على عمل أشياء جميلة وجيدة لأنّ خالقنا هو جميل وجيّد.
إذا اكتشفنا الإبداع الذي بداخلنا وجسّدناه في أعمال تخدم الآخرين، لأصبح عالمنا ومجتمعنا أكثر جمالاً وإبداعاً. ولكن تقصير بعضنا في اكتشاف هذا الإبداع الجميل جعل من عالمنا عالماً يفتقد للإبداع ويحتوي على القبح، فالقبح ما هو إلّا نقص للجمال والإبداع، مثل الشر ما هو إلّا نقص للخير، وكما الظلام ما هو إلّا غياب النور. فالقبح والشر والظلام هو غياب الجمال والخير والنور.
الإبداع رسالة
في رأيي، الإبداع رسالة رائعة تغذّي روح الإنسان، ونحن مبدعون. ولكن إبداع كل منا مختلف عن الآخر لأننا مختلفون وشخصيّاتنا مختلفة. وإذا جُمع هذا الإبداع المتنوّع لظهرت أجمل وأروع صورة للبشرية مكتملة.
قد تجسّد السيّد المسيح لتكون حياتي أنا وأنت أفضل بالأحرى أجمل، ويمكنني القول جاء السيّد المسيح لتكون الحياة أجمل ممّا صارت عليه. فمجيء السيّد المسيح محاولة لإرجاع الإنسان لحالته الأولى، الحالة الجميلة الخالية من الخطيئة. فالخطيئة إذاً هي القيام بشيء قبيح وليس جميل وسيّىء. مثل القتل والكذب والسرقة بجانب إنها خطايا إنها أشياء قبيحة أيضاً، تُفقد الروح جمالها. وحالة النقاء هي القيام بشيء جميل مبدع. فالجمال هو أصلنا والإبداع هو رسالتنا في الحياة. فالصلاة شيء جميل ينعش الروح ويربطه بالله الخالق.
أمثلة على الإبداع
ربما يذهب تفكير بعضنا بأنّ الإبداع يجب أن يكون شيئاً كبيراً واختراعاً لم يسبق له مثال، ولكن في الحقيقة الجمال والإبداع يبدأ من أشياء صغيرة. ابتداء من المنزل عند تقديم الطعام بطريقة جميلة فهو جمال يضيف على الطعم اللذيذ إحساساً جميلاً للروح يحثّه على الإبداع. وعند الاستيقاظ وترتيب السرير فهذا تدريب يومي على التنظيم الذي يساعدنا أن نبدأ يومنا بنظام ومن ثم نستطيع تنظيم مهامنا وأعمالنا اليومية فنترك مساحة للإبداع. وعامل النظافة الذي يحرص على تنفيذ عمله بإتقان فهو يساهم في إدخال الجمال لنفس الآخرين. وهناك الكثير من الأمثلة التي يمكننا الحديث عنها مرتبطة بأبسط الأشياء اليومية. ولكن إذا قمنا بالأعمال اليومية العادية بتميّز فهذا جمال. إذا أبدعنا في أعمالنا فنحن نجسّد الإبداع والجمال.
اكتشاف الإبداع
علينا بعد الاستيقاظ صباحا أن نشكر الله المبدع الخالق الذي خلق أرواحنا وأجسادنا بجمال لا مثيل لها. ولكي نستطيع اكتشاف هذا الجمال والإبداع علينا أن نقبل أنفسنا بكل ما فيها، لأنّ قبول النفس هو أول الطريق للإبداع، قبول القدرات والضعف والحدود الموجود بداخلنا يساعدنا على عمل تناغم واكتشاف الإبداع الذي أعطانا إياه الله بطريقة مختلفة. نعم كلّ منّا مبدع وجميل بطريقة مختلفة، فالخالق وزّع الإبداع بطريقة مختلفة فلا نملك كلنا نفس الشيء بل نحن مختلفون في إبداعنا. إذا نظرنا حولنا سنجد أنّ الأشخاص المبدعون بالفعل أدركوا أنّ خالقهم مبدع ورسالتهم هي الإبداع، ولذلك بحثوا وقبلوا أنفسهم وقرروا أن يوظّفوا هذا الإبداع في خدمة الآخرين.
ماذا تنتظر؟
أدرك أنّ كل يوم جديد هو خلق جديد، يحتوي في داخله على طاقة جديدة وأمل جديد وهدف جديد وفرصة جديدة يمنحنا الله إياها لنكون مبدعين على مثاله. عليك أن تكتشف هذا الإبداع الذي يجعل منك شخصاً مبدعاً وفريداً من نوعه وتشاركه في رسالة الخالق، رسالة لا يتحدّث عنها كثيرون بالرغم من أنها رسالة طُبعت بداخلنا عن الخلق.
وباختصار، خالقنا مبدع وخلقنا لنكون مبدعين لنجسّد الجمال والإبداع بعضنا لبعض في أعمالنا اليومية. فالإبداع عمل من أعمال المحبّة لتحسين حياة الآخر، فاكتشف إبداعك وابحث عن فرصة لتحسّن حياتك وحياة مَن حولك.
يا خالقي المبدع، بإرادتك أوجدتني في هذا العالم وبهذا التوقيت،
ولقد منحتني روح الإبداع والجمال من أجل رسالة مهمّة، فأطلب منك أن تمنحني روحك القدوس المبدع،
ليساعدني على قبول ذاتي ولاكتشاف رسالتي، وأن أصبح مبدعا أجسّد جمال تعاليمك وأعمالك بين الآخرين.