Easter eggs - Couleur - Pixabay - CC0

عيد القيامة بين الطقوس والعادات

كيفيّة احتساب عيد القيامة، مِن إعداد أستاذ جامعيّ

Share this Entry

يُعدّ عيد القيامة أهمّ الأعياد المسيحية، ولقد احتفل المسيحيون الأوائل به قبل الاحتفال بعيد الميلاد. يُطلق عليه البعض عيد الفصح بحسب أصل التسمية اليهودية، أو عيد القيامة كما أطلقها المسيحيون على قيامة السيّد المسيح. وعندما طلب منّي التلفزيون الكاثوليكي في المجر الحديث عن عيد القيامة الشرقي، وجدت من المفيد عمل مقارنة، يتعرّف من خلالها المهتمّين، على أهمّ أوجه الشبه والاختلاف لعيد القيامة بين الكنيسة الشرقية والغربية، والتعرّف على عادات هذا العيد في الشرق والغرب، وتأثّره بمعتقدات قديمة.

التسمية

پاسخا “Pascha”، باليونانية Πάσχα : عيد الفصح. أمّا بالإنجليزية والألمانية “Easter” و”Ostern” وهذه التسمية الإنجليزية تدلّ على الاسم الإنجليزي القديم لشهر أبريل Eostremonat ، Ostaramanoth، حسب فيلسوف القرن الثامن الإنجليزي “بيد”. وذلك الاسم كان مشتقّاً من إلهة جرمانية.

التقويم

يتمّ احتساب عيد القيامة على أساس التقويم القمري وليس الشمسي، لذلك عيد القيامة هو العيد الوحيد الذي لا يوجد له تاريخ ثابت في التقويم الميلادي. فقد تمّ احتسابه قديماً بحسب قرارات مجمع نيقية الذي تمّ في القرن الرابع الميلادي، بالتحديد عام 325م، والتزمت به جميع الكنائس حتّى القرن السادس عشر تحديداً عام 1528 م. وبعد هذا التاريخ فقط، نجد مواعيد مختلفة لعيد القيامة بناء لوجود التقويم الغريغوري بجانب التقويم اليولياني.

كيفية احتساب عيد القيامة

الكنيسة الشرقية تحتسب عيد القيامة بناء على ما يلي:

1- أن يقع عيد القيامة في يوم الأحد، لأن في يوم الأحد حدثت القيامة.

2- أن يأتي بعد بدر الاعتدال الربيعي (21 مارس) (حيث يتساوى الليل والنهار).

3- أن يحتفل بعيد القيامة بعد احتفال اليهود بالفصح.

أمّا في الكنيسة الغربية، فيتزامن عيد القيامة مع عيد الفصح اليهودي.

لقد لعبت كنيسة الإسكندرية دوراً هامّاً في تحديد ميعاد القيامة، حيث عتنت مدرسة الإسكندرية بالحساب الفلكي. وبناء على دراساتهم، تمّ تحديد عيد القيامة يوم 14 نيسان/ أبريل الذي يحدث فيه الاعتدال الربيعي.

طقوس القيامة

تختلف طقوس هذا العيد كثيراً بين الكنيسة الشرقية وبالأخصّ الطقس القبطي، والكنيسة الغربية وبالتحديد الطقس اللاتيني.

أوّلاً: من الناحية الروحية، يتمّ التحضير للعيد بالصوم الكبير (باللاتينيّة: Quadragesima؛ باليونانيّة: Μεγάλη Νηστεία)، يسبق عيد القيامة 40 يوم صوم في الكنيسة الغربيّة يبدأ مع أربعاء الرماد. أمّا في الكنيسة القبطية فيبدأ الصوم يوم 4 مارس بحسب الطقس اليولياني، وتبلغ مدته 55 يوماً خالياً من كلّ أنواع اللحوم ومنتجات الألبان والأسماك.

ثانياً: من الناحية الليتورجية، يبدأ أسبوع الآلام في الكنائس بعد قداس أحد السعف أو أحد الشعانين (دخول يسوع أورشليم) مباشرة، في حين تواصل الكنيسة اللاتينية الاحتفال بالقداس الإلهي من يوم الاثنين إلى الخميس. يتوقّف الإحتفال بالقداس الإلهي في الطقس القبطي من يوم الاثنين إلى سبت النور.

في الكنيسة القبطية، تقام صلوات أسبوع الآلام ليس في مقدّمة الكنيسة إنما بالخلف، إشارة إلى أنّ السيّد المسيح تمّ صلبه خارج أورشليم. وتقيم الكنيسة القبطية 5 صلوات في الصباح و5 صلوات في المساء، تتكوّن من قراءات من العهد القديم والتسبحة القبطية “ثوك تي تي جوم..” التي تعني “لك القوة والمجد…” والتسبيح 12 مرة في كلّ ساعة. أمّا في الجمعة العظيمة، فتبدأ صلوات الدفن بعد صلوات مكثّفة طوال اليوم. أسبوع الآلام بالكنيسة القبطية من أكثر أوقات السنة أهمية وكثافة، ويتمّ تعليق ستائر باللون الأسود في الكنيسة رمزاً للحزن على السيّد المسيح.

عادات وتقاليد ليست دينية

تختلف العادات حسب كل بلد ومنطقة. ففي مصر، يتمّ أكل الأسماك المملّحة كرمز على عدم الفساد. أمّا في المجر فيتمّ أكل لحوم الخراف رمزاً للحمل. في إيطاليا، نجد كعكة حمامة عيد الفصح، وفي روسيا نجد حلويات على شكل هرمي مقولب ومختومة، وهناك العديد من الحلويات في بلدان كثيرة، ولكن المشترك بين كل البلدان والثقافات البيض الملوّن، وبعض الباحثين يُرجعون استخدام البيض إلى زمن الفراعنة، حيث رمز البيض في حضارة الفراعنة للحياة. وقد استخدمه المصريّون المسيحيون فيما بعد إشارة لكسر السيّد المسيح الموت تاركاً القبر فارغاً.

قديماً، تمّ تلوين البيض أوّلاً باللون الأحمر فقط رمزاً لدماء السيّد المسيح. ولكن فيما بعد، ظهر تلوّن البيض بأكثر من لون، وهذا يعود إلى صانع الجواهر الروسي “پيتر كارل فابيرج”  Карл Густавович Фаберже المعروف عنه صناعة البيوض الشهيرة التي حملت اسمه إلى قيصر روسيا “الكسندر الثالث” وبعده “نيكولاس الثاني”، ولقد تمّ تصنيع أول بيضة من الشكولاته في فرنسا وألمانيا في القرن التاسع عشر. بجانب البيض، ارتبط عيد القيامة أيضاً بالأرنب، ويرجع هذا لظهور الأرنب حامل البيض الهدايا للأطفال في ألمانيا في عام 1682.

احتفالات الربيع وعيد القيامة

ترتبط احتفالات عيد الربيع بعيد القيامة، وعيد الربيع أو “شمو” الكلمة المصرية القديمة التي تعني “بعث الحياة”. يُرجع الكثير من الباحثين أصله إلى الفراعنة، حيث كان يحتفل الفراعنة بعيد الربيع في أول شهر أبريل – الذي يُعرف اليوم عند المصريين ب “شم النسيم”. والتسمية الحالية أصلها قبطي “شوم إنسم” – لأنهم اعتقدوا أنّ هذا العيد هو بدأ الخلق، واشتهر الاحتفال بأكل الأسماك والفاكهة والعديد من مظاهر الفرح والزينة. ومع كثرة عدد المصريّين المسيحيّين، أخذت الكنيسة في مصر القرار حينذاك بأن يكون عيد شم النسيم بعد عيد القيامة بسبب فترة الصيام التي تسبق عيد القيامة؛ ففي فترة الصيام لا يُسمح بأكل الأسماك ولا البيض بحسب طقس الكنيسة القبطية.

أيّاً كانت الرموز، فإنّها ترمز لقيامة السيّد المسيح وانتصاره على الموت، وهذه الرموز علامة في وقتنا الحاضر تذكّرنا بالرجاء المنتظر، والانتصار على الموت بالسيّد المسيح. وإذا دلّ اختلاف وتنوع الطقوس والتقاليد في هذا العيد، فأنه يدلّ على غنى الكنيسة بالثقافات والعادات التي بداخلها، كما يدلّ أيضا على احترام طقوس الكنيسة الثقافة المحلية المتواجده بها. ويحمل عيد القيامة للعالم أجمع عادات وتقاليد مصرية فرعونية، تربط الإنسانية بأفكار وعادات استمرّت إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام.

Share this Entry

مايكل عادل أمين

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير