“انظروا أولادي إلى مريم قبل مباشرة أعمالكم، تلهمكم بما هو حسن.
انظروا إليها في أفراحكم، لتقدّسوها نظيرها،
انظروا إليها في أشغالكم، لتقتدوا باجتهادها،
انظروا إليها في مصائبكم، لتحتملوا نظيرها.”
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشي
هو حضن الأمّ الدّافئ، حضن يرتمي فيه الإنسان، ليلقى الرّاحة، والدّفء، والأمان… إنّه حضن مريم الطّاهر …هيّ الأمّ القديسة، هي الأمّ السّاهرة…هي الأمّ الهامسة دومًا في آذاننا أجمل نغمات الرّاحة، والفرح…هي المخفّفة ثقل أوهاننا، وضعفنا ، هي الأمّ المرشدة، الّتي تمسك بأيدينا، لتقودنا إلى فرح وحيدها، وإلى أمنيات الرّجاء، والخلاص…
هي الأمّ الّتي جثا أمامها الكبّوشيّ، فهدت نفسه إلى برّ الرّعاية، والحبّ، لم يخطُ خطوةً، ولم يخطّ كلمة، إلّا وكانت هي نور فكره، وهي الحانية عليه حنوّ الأمّ القدّيسة، على أبنائها…
اعتبر”أبونا يعقوب” السّيّدة العذراء، وسيلة لولوج قلب ابنها يسوع. لأجل ذلك نراه يدعونا إلى أن نحبّها، ونطلب شفاعتها ، إلى أن نلتجئ إلى حماها، فتحلو عندها أيّامنا، وتغدو نفوسنا فراشات رجاء تتراقص في حقول السّلام… دعانا أن ننظر إليها، ونستمدّ من سحر عينيها، أسرار إبداع الخالق… دعانا أن نتمسّك بالسّبحة، وأن نصلّي … أن نسلّم على مريم، ونطلب منها…إنّها تصلّي من أجلنا …
عظّم أبونا يعقوب العذراء بالمدائح، وجعلها فخر الأرض كلّها، فمنها تجسّدت كلمة الله …شيّد لها الكنائس، وكانت قدسيّتها تلوح دائمًا أمام ناظريه. إيمانه تخطّاه، لينتقل إلى الآخرين من خلال طلباته، فقد كان يزرع حبّ مريم في قلب بناته الرّاهبات…
أبى أبونا يعقوب أن تفارقه أمّه السّماويّة حتّى لحظة مماته، وأوصى أن تضمّ صورتها يداه في نعشه،لأنّه مدركٌ أنّها حمايته، ووالدته التّي ستوصله إلى ابنها الحبيب…
لنصلِّ كما صلّى أبونا يعقوب، لنحبَّ مريم كما أحبّها، ولاذ إلى شفاعتها …
لنصلِّ في هذا الزّمن الصّعب، كي تعيننا أمّنا السّماويّة، ولنسلّم لها ذاتنا كما سلّم القدّيس توما الأكويني ذاته إلى مريم..” أيّتها البتول المثلّثة الطوبى، والكليّة الحلاوة، إنّي أسلّم ذاتي إلى رأفتك، مستودعًا نفسي، وجسدي، وأفكاري، وأعمالي، وحياتي، وموتي. فأعينيني، يا سيّدتي، وقوّيني ضدّ الصّعاب، والتّجارب…”
أمّنا مريم….
أعينينا… فها نحن نستودع بين يديك، أنفسنا، وهمومنا، وصعابنا، وأفكارنا، وقلوبنا…