“إنّ الحياة المكرَّسة هي حوار دائم مع الواقع”، هذا ما أكّده البابا فرنسيس في الفيديو الموجَّه إلى المشاركين في الأسبوع الوطنيّ الخمسين لمعاهد الحياة المكرَّسة في إسبانيا.
تساءل البابا حول عقم بعض معاهد الحياة المكرّسة، وقال: “عندما تفقد الحياة المكرّسة بُعد الحوار مع الواقع والتأمّل حول ما يحدث من حولها، تصاب بالعقم. أسأل نفسي حول عقم بعض معاهد الحياة المكرسة، فأرى أن السبب بشكل عام يكمن في غياب الحوار والالتزام بالواقع. لذلك لا تهملوا هذا الأمر، لأنَّ الحياة المكرسة هي على الدوام حوار مع الواقع. قد يقول لي أحدكم “نعم، إن هذا الشكل هو حديث الآن”… لا! لنفكّر في القديسة تريزا. إن القديسة تريزا قد رأت الواقع وقامت بخيار إصلاح وسارت إلى الأمام. من ثمَّ وخلال المسيرة كان هناك محاولات لتحويل ذلك الإصلاح إلى انغلاق وهذا الأمر موجود على الدوام. ولكنَّ الإصلاح هو مسيرة على الدوام، إنه مسيرة في اتصال مع الواقع وأفق تحت نور الموهبة التأسيسية. وفي هذه الأيام، ساعدت هذه اللقاءات، وهذه الأسابيع من الحياة المكرسة على تبديد الخوف.
تفقد الحياة المكرّسة خصوبتها وهويّتها عندما تتوه في إيديولوجيات من نزعات متعدّدة، من اليسار واليمين والوسط وكلّ الجهات، حتى تستطيع أن تسيطر على كلّ شيء من أجل ضمان كلّ شيء”. عندما تعيد رهبنة ما صياغة موهبتها وتحويلها إلى أيديولوجية، فإنها تفقد هويتها وتفقد خصوبتها. إن الحفاظ على الموهبة التأسيسية حية يعني إبقائها في مسيرة ونمو، في حوار مع ما يقوله الروح القدس لنا في تاريخ الأزمنة، في الأماكن، وفي مراحل ومواقف مختلفة. إنه يفترض التمييز ويفترض الصلاة. لا يمكن الحفاظ على الموهبة التأسيسية بدون الشجاعة الرسولية، أي بدون السير، وبدون تمييز وبدون صلاة. وهذا ما تحاولون القيام به هذا الأسبوع.
“شجاعة رسولية: تمييز وصلاة، هي مفاتيح للحفاظ على الروحانية. وحثّ البابا على البحث معًا لعدم الضياع في الشكليات والإيديولوجيات والمخاوف والحوارات مع أنفسنا بدلاً من الحوار مع الروح القدس”.
وفسّر البابا: “أرغب في أن أشكر الزرع المستمرّ للقلق من أجل فهم الحياة المكرَّسَة وجعلها تثمر، ليس فهمها فقط بل عيشها أيضًاـ لا كنظريّة، بل كممارسة أيضًا”.
وفي الختام، دعا البابا برسالته إلى عدم الخوف من الحدود: “لا تخافوا من الحدود! تخافوا من الضواحي! فهناك سيكلّمكم الروح القدس. ضعوا أنفسكم في نطاق الروح القدس!”