يقول اللاهوتي جاك پوجول في كتابه “إنتهاكات روحية” (Jacques Poujol, Abus spirituels): «بحسب اللاهوتية ڤاليري دوڨال پوجول، هناك ثلاث طرق لقراءة الكتاب المقدس، تُستعمل لتغذية الجماعات المسيحية المُختلّة:
١- “يحتوي الكتاب المقدس جوابًا على كل شيء”: لكل مشكلة هناك آية مناسبة، تُستعمل كَشِعَار؛ في حين أن أي نَص كتابي يُفهم دائمًا على ضوء إطاره التاريخي، الإجتماعي، والثقافي، وعلى ضوء الكتابات المقدسة كاملة. إن الواعظ المراوغ والمُتلاعِب يُحوّل الكتاب المقدّس إلى أداة ليجعلها تقول ما يحتاج أن تقوله كتأكيد على كلامه وليس كمصدر لكلامه.
٢- إن القراءة العاطفية للكتابات المقدّسة تؤدي سريعًا إلى انحرافات، لأن النص يقع في خطر التّحوّل إلى أداة. فالقائد الذي يتحكم بالمتكلم، هو كالذي يتكلم وراء الستار في مسرحية للدّمى المتحركة: يجعله يقول ما يُريد.
٣-أخيرًا: القراءة الإستعارية التي يستعملها لأشخاص المراوغون تجعل النّص البيبلي يقول ما يرغبون…
القاسم المشترك بين هذه الطرق الإستغلالية الثلاث هو بأن لا يُحترم النصّ الكتابي، وبأن لا يُدرس ضمن إطاره، وبتحويله أخيرًا إلى حجة تفيد في تجميع المستمعين.
في حين أن المهم ليس بأن يقول لنا ما تعني آية معينة، إنما عليه أن يقول أيّة طريقة وأيّة مقاربة يستعمل ليجد هذا المعنى: هل هي شعوره؟ أو حدسه؟ أو هي بحث جدّي عن معنى النص ضمن إطاره؟» (ترجمنا النص حرفيًّا عن اللغة الفرنسية).
في مجتمعاتنا، هناك الكثير من المتلاعبين والمراوغين الذين يستغلون ضعف ووجع وخوف الناس، ليُسيطروا عليهم بإسم “الإيمان” ويُشكلون من الناس الذين يسمعون لهم (وليس للرب) جماعات ظاهرها الصلاة والعبادة وباطنها محركات الحقد، والرفض للآخر، والشعور بالرضى عن الذات، من خلال الإنخراط في الدفاع عن الدين… لنحذَر تلاعبهم وغشهم:
– الذين يحاولون إقناعنا بأن مرضنا اليوم سببه خطايا أجدادنا، أو الذين يشددون على أن وباء كورونا هو عقاب إلهي…
– الذين يُوهمون الناس بأن المقدّسات تُمَسّ إذا أخذنا الإحتياطات اللازمة للوقاية من وباء كورونا (كالمناولة باليد والكمامة… الخ)
– الذين يشرحون للناس بأن اللقاح ضد وباء كورونا هو مرفوض دينيًّا وهو “علامة الوحش” التي تكلم عنها سِفر الرؤيا…
– الذين يُروّجون للظهورات والرُّؤى والشيطان أكثر من كلامهم عن الكتاب المقدس وتعليم الكنيسة…
– الذين يستعملون الظهورات وبعض الأقوال الواردة في بعض الكتب على أنها لمريم العذراء (كـ”الكتاب الأزرق” الذي يدّعون كذبًا أن الكنيسة موافقة على مضمونه)…
– الذين يُشَيطنون كل من يحاول إظهار تلاعبهم، مُعتمدين على أقوال من آباء الكنيسة، والعذراء (في الكتاب الأزرق)، وحتى الكتاب المقدس… كل ذلك لخدمة ما يقولون…
– الذين يُروّجون للبدع، مُضللين الناس، متستّرين بكذبة “الموافقة الكنسية”، ويعلنون “عقائد جديدة” لم تقبلها الكنيسة (آخرها: “شريكة في الفداء” و”وسيطة كل النّعم”)…
هكذا نُميّز المُعلّم من المُتلاعب:
– المعلم يضع الأنا جانبًا، ويكون كلام الرب في الكتب المقدّسة، وتعليم الكنيسة، والآباء القديسين، هو الأساس الذي عليه يبني كلامه، ويكون الرب محور كلامه… المعلم يترك للمستمع حرية التحليل وفحص الضمير وخيار الإيمان… المعلم يعرض الإيمان ويترك للمؤمن حرية الخيار والممارسة ليصل إلى الخلاص…
– المتلاعب يستعمل الكتب المقدسة وكل ما يوافقه خدمةً لأفكاره المرتكزة على الأنا… فيكون الأنا هو محور كلامه… المتلاعب يعطي مستمعيه الكلام مع التحليل والنتائج المُترتّبة، ويُشيطن كل من يخرج قليلا عن الإطار الذي يفرضه هو على المؤمن… المتلاعب يُقدّم للمستمع نمطًا واحدًا للعيش: إما أن يعيشه أو أن يذهب إلى جهنم…