نظرية البخل المقيت المُبرّر، أو ما يسمى تحقيق الغايات الخسيسة تحت ستار الشريعة والدين، والممارسات التقوية إلخ. إنها الخطيئة التي قد يرتكبها المسؤول، أو المؤمن إلخ. لقد حدث أمر مخالف لتقليد الشيوخ، فسرعان ما تم تقديم شكوى مباشرة بحق المخالفين أي الرسل الى يسوع معلّمهم. وهذه المخالفة المُفلتعة، تطرح علينا أربع أسئلة ألا وهي :
1- من هو المُخالف للشريعة: تلاميذ يسوع أم الكتبة والفريسيين؟
2- وما هي نوع المخالفة الشريعة أم غيرها؟
3- وكيف بررت الإتهامات بحق تلاميذ يسوع؟
4- وفي المقابل، ما هي أسس اتهامات يسوع الدامغة للكتبة والفريسيين؟
ربما نعيش هذه الحالة على صعيد حياتنا اليومية دون دراية منّا، خاصة عندما يتعلّق الأمر بمخالفات أو مسائل أخلاقية بحق بعض الممارسات التقوية، يكون فيها الشخص قاس أو متساهل أو متجاهل، أو لديه نظرة يسوع عينها.
بالعودة الى إنجيل (مت 5: 1- 9) يطرح أمامنا مسألة إيمانية أخلاقية تختص بعادة غسل الأيدي قبل الطعام التي تعود الى تقليد الشيوخ، أي أسست على تقليد بشري تم تداوله وتناقله من جيل الى جيل٬ مخالفة التلاميذ لهذا التقليد يطبق يقول المثل الشائع “ضربني وبكى سبقني واشتكى” أو “الفاجر بياكول مال التاجر” وفي الأمرين حقيقة واحدة، تبرير الاتهام والتغاضي عن الاسسس الحقيقيّة للمسألة التي قد يتخفى وراءها الشخص، مدّعين بأنه يعمل صلاحًا يحافظ على الشريعة بكل اخلاص إلخ. ولكنه في المقابل، يمارس الكذب والدجل والتمثيل والإحتيال، لتبريرات “في نفس يعقوب” لكن أين يمكن معرفة هكذا نوع من التفكير ؟ الجواب: في إكرام الأهل “الأم والأب” وصية تكشف مدى صدقية الذي يدّعي بالبرارة والحفاظ على التقليد، قل كيف تُكرم أباك وأمك أقول لك من أنت، ومن هو الأب والأم بنظر الرب يسوع؟ ليس من اللحم والدم وحسب بل أيضًا هو من يعمل بمشيئة الله الذي في السماء “لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي” (مت 12: 50).
فكم هناك من تبريرات صادمة وكاذبة تعطى في عدم دعم الأب والأم وكل أخ فقير تحت حجج تقوية فاشلة لا بل شيطانيّة؟ إن الخطيئة المرتكبة في هذا النص، هي أن يُشيطين الشخص وصية الله، أن تُبرر خطيئة البخل والتباخل على الآخرين تحت حجة دعم الهيكل وحجارته وماله إلخ !!!
إنّ شيطنة وصية المحبة تحت مسميات الحفاظ على مدخرات الهيكل هي الخطيئة بعينها، لا بل وقاحة لا يضاهيها أي وقاحة أخرى.
فالبخل والوقاحة والتباخل، خطايا ضد المحبة، لا بل ضد الله وقداسته وسموه، أن تُشيطن وصية محبة الآخرين كمحبة الأهل ودعم اخوتنا المحتاجين باسم مسميات تقوية اقتصادية لهي التجربة الشيطانية بحد ذاتها، نجانا الله من هكذا تشيطن وتباخل ورياء. يقول الرب عن هكذا أشخاص “
يَا مُرَاؤُون، حَسَنًا تَنَبَّأَ عَلَيْكُم آشَعْيا قَائِلاً:
هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيه، أَمَّا قَلْبُهُ فَبَعِيدٌ جِدًا عَنِّي.
وبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي، وهُم يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ لَيْسَتْ إِلاَّ وصَايَا بَشَر”.
إذا مهما فعل هؤلاء من أعمال يظن الشخص بأنها حسنة فهي باطلة وغير مرضية ولا يقبلها الله، لا بل هي عنده مقيتة ونجسة “مرتجعة بدون شكر”.
فيا رب نجنا من هكذا خطايا، واجعلنا نحب إخوتنا البشر، عائلتك المفتداة بدمك المهرق على الصليب، وعلّمنا كيف تكون عبادتنا حقيقيّة صادقة، بعيدة عن التباخل والبخل، لأنك أنت الحياة والخير والمحبة، آمين.