أكّد الكاردينال بييترو بارولين أنّ “تغييرات حقيقيّة” هي ضروريّة في عالم ما بعد كوفيد، وأنّ النموذج القديم لم يعد صالحاً. “علينا أن نكون قادرين على تقبّل التغييرات الحقيقيّة وأن نقوم ببعض التضحيات. لا يمكننا أن نُتابع العيش كما اعتدنا عبر استغلال عالمنا كما فعلنا حتّى الساعة. هذا هو التغيير الذي سيسمح لنا بالتوصّل إلى حياة سعيدة”.
أمّا حديث بارولين فقد جاء ضمن إطار مقابلة حصريّة أجرتها معه جريدة “لاكروا” الفرنسيّة، ونُشِر بتاريخ 11 تموز 2021، أي بعد أيّام على زيارته ستراسبورغ، كما ورد في مقال أعدّته الزميلة مارينا دروجينينا.
خلال المقابلة، تطرّق الكاردينال إلى العديد من المواضيع، من بينها العلاقات “الإيجابيّة” بين فرنسا والكرسي الرسولي (على الرغم من بعض الاختلافات المتعلّقة بمسألة التسلّح أو النوويّ)، إصلاح الكوريا الرومانيّة ومسائل الاعتداءات الجنسيّة وأخلاقيّات علم الأحياء.
حول قانون أخلاقيّات عِلم الأحياء الذي اعتُمِد في فرنسا، اعتبر الكاردينال بارولين أنّه “مِن المهمّ أن يتمكّن الكاثوليك من إيصال صوتهم، مع براهين ترتكز على إيمانهم… حتّى لو تمّ إقرار القانون، لأنّهم يفعلون ذلك باسم الدفاع عن كرامة الحياة البشريّة وقيمتها”.
فيما يختصّ بعمل اللجنة المستقلّة حول الاعتداءات الجنسيّة في الكنيسة الكاثوليكية (في فرنسا) والتي عليها رفع استنتاجاتها قريباً، أقرّ الكاردينال أنّها “قد تكون لحظة معاناة كبيرة. لكن يجب ألّا نخاف من الحقيقة. سيتألّم الكثير من الكاثوليك وسيُصعَقون لما سيقرأونه. لكن علينا تجاوز هذه المحنة. ومنها، قد يتأتّى ضمير جديد لمواجهة تلك الظواهر والحؤول دون تكرارها”.
بالنسبة إلى زيارة رسوليّة محتملة إلى فرنسا، شرح الكاردينال أنّه “لا يمكنه أن يُعطي تاريخاً، إلّا أنّ مشروع الرحلة وارد، فيما البابا عبّر عن اهتمامه للرئيس ماكرون”. وأضاف: “آمل أن يحصل هذا في أقرب وقت ممكن، لأنّ فرنسا تستحقّ زيارة من الأب الأقدس”.
الكوريا: البدء بعيش الإصلاح
خلال المقابلة، شرح الكاردينال بارولين أيضاً “أنّ العديد من الإصلاحات تمّت منذ بداية حبريّة البابا فرنسيس في الفاتيكان. ويتعلّق الأمر الآن بالبدء بعيش الإصلاح. في الفاتيكان، ثمة إرادة حقيقيّة لجعل الكوريا أداة في خدمة الأب الأقدس لأجل خير الكنيسة. علينا من الآن فصاعداً أن نتفادى كلّ ما يمكنه أن يُعتّم صورة خدمته في الماضي. إذاً، لدينا مسؤوليّة كبيرة”.
في السياق عينه، أشار أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان إلى أنّ خبراء القانون الكنسيّ يدرسون دستوراً جديداً “يهدف إلى منح إطار متماسك لكلّ الإصلاحات التي تمّ إطلاقها حتّى الآن”.
وفيما يتعلّق بالمحاكمة بشأن استثمار الملكيّة في لندن، اعتبر بارولين أنّها ستكون “لحظة حقيقة قضائيّة”: “الرب هو مَن يعرف الحقيقة الأصليّة. إنّ الحقيقة التي تبرز أمام المحكمة هي حقيقة إنسانيّة. لكن آمل حقّاً أن تظهر خلال المحاكمة، لأجل خير الجميع”.
نُشير أيضاً إلى أنّ بارولين لا يعتبر هذه المحاكمة “منعطفاً” في تاريخ الفاتيكان: “المنعطف هو بالأحرى الإصلاحات التي جرت منذ سنوات عديدة. هنا يكمن التغيير. هذه المحاكمة هي نتيجة الإصلاحات السابقة”.