الإنسان المتواضع، يعرف ذاته كما هو أمام الله…
التّواضع ينير العقل، ليفهم الإنسان أسرار الله…
نرى في الحقول أنّ السّنابل الفارغة منتصبة، أمّا السّنابل الممتلئة ثمارًا، فهي منخفضة…
” الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ”
تلك هي النعمة الّتي تقود إلى القداسة… التّواضع سمة تجعل العيون جليّة، فتعاين جمال وجه يسوع…
التّواضع فرحٌ، يجعل النّفوس شفّافة، ونقيّة، ومتلألئة، يبعد الذّات عن ضباب يعمي خلاصها… التّواضع يجعل الإنسان خفيفًا، لأنّه ألقى عن كاهله أحمال التّكبر، والأنانيّة…
اعتبر أبونا يعقوب نفسه آداةً طيّعة بين يدَي الرّبّ…أحنى رأسه خادمًا لمشيئة الّله . مسيرته الحياتيّة كانت تحاكي سنابل القمح المثقلة بنعمٍ أهدته إيّاها العناية الإلهيّة…
أحبّ أن يعيش الانسحاق، كي يحيا السّعادة في السّماء …كان مقتنعًا أنّ كلّ ما في الإنسان آتٍ من اللّه.
اعتبر أنّ المتواضع يتعلّق بالسّماويّات، وينفر من المدائح، والمراتب…يعرف ذاته كما هو أمام الله… المتواضع لا يخاف من النّاس، يقبل من يد الله كلّ نعمة، وكلّ خير لأنّه يؤمن بأنّ: “الّذين يحبّون الله، كلّ شيء يعاونهم للخير( رو 8: 28)
كان الكبّوشيّ على ثقةٍ كبرى، أنّ أجمل مثالٍ للتّواضع هو يسوع المسيح، الّذي أخذ صورة الإنسان، عاش الذّل… ولد في مزودٍ…أمّه فقيرة…مربّيه نجّار…خاطب الخاطئين…. غسل أقدام تلاميذه… كشاة سيق إلى الّذبح…
التّواضع يؤدّي إلى كمالٍ فائق، إلى السّعادة الأبديّة… لأجل ذلك تخلّى أبونا يعقوب عن أفراح هذه الأرض ليحيا فرح السّماء… كان يعي، أنّه دون نعمة الله في ذاته، لأصبح أشرّ النّاس وأحقرهم… هذه هي عظمة الإنسان المسيحيّ، الّذي يدرك أنّ حياته، وكيانه، ووجوده نعمة كبرى من نعم الرّبّ.
فضيلة التّواضع جعلته ذاك السّامريّ الصّالح، لأنّه كان رجاء رحمةٍ، في قلوب مشتاقة إلى ابتسامة حبّ، وعطف، وحنان… كان نفسًا تعطي، وتبذل، وتتفانى دون طلب الشّكر، أو المديح…
كيف لنا أن نقف أمام إيمان “أبونا يعقوب” الطّوباويّ، بتواضعه العظيم، وأعماله الخيّرة، ونفوسنا منسحقة تحت وطأة المتاعب الإنسانيّة… ؟؟؟؟
كلّنا حقول حيّة يمتلكها الرّبّ…كلّنا نتمتّع بنعم سماويّة جمّة…
يكفي أن نتّكل على الله…
علينا التّجرّد، والتّخلّي عن كلّ ما يبعدنا عنك يا ربّ… فالنفس البسيطة هي النّفس الغنيّة حقًّا….وحدها بارعة في إظهار حبّك …وحدها تعي أنّها ابتسامة حبّ من نعم فرحك…