“صلّوا معًا على نيّة الكهنة حتى على مثال القديس جان ماري فيانيه، يستطيعوا أن يحملوا الإنجيل الحيّ من خلال شهادتهم للحبّ والرحمة والتضامن، لإخوتهم وأخواتهم الذين يواجهون الصعوبات” هذه كانت تغريدة البابا فرنسيس، يوم الأربعاء 4 آب 2021، لمناسبة عيد خوري آرس (1786 – 1859)، شفيع الكهنة في العالم، وبهذه الكلمات أيضًا حيّى الناطقين باللّغة الفرنسيّة، أثناء المقابلة العامة مع المؤمنين.
حياة القديس الكاهن
وُلد جان ماري فيانيه في 8 أيّار 1786، في دارديللي، بالقرب من ليون، في كنف عائلة مزارعين، وعرف طفولة تميّزت بحماسة وحبّ والديه. إلاّ أنّ إطار الثورة الفرنسيّة أثّر كثيرًا في شبابه فاعترف للمرّة الأولى عند أقدام الساعة الكبيرة، في الغرفة العامة في مسقط رأسه، وليس في كنيسة القرية ونال الحلّة من كاهن في الخفاء.
وبعد عامين، حصل على المناولة الأولى في حظيرة، أثناء الاحتفال بالقداس الإلهي في الخفاء. بعمر السبع عشرة عامًا، اختار أن يستجيب لدعوة الله وقال لأمّه: “أريد أن أكسب النفوس للربّ الصالح”. إنما عارض والده المشروع على مدى عامين.
إكليريكيّ وهارب
بدأ بعمر العشرين عامًا مسيرته الكهنوتيّة وسرعان ما واجهته الصعوبات: انتقل من الإحباط إلى الأمل، وذهب في رحلة حجّ إلى قبر القديس فرنسيس ريجيه. أُجبر على الهرب عندما دُعي للدخول إلى الجيش للقتال في الحرب في إسبانيا.
الوصول إلى آرس
في العام 1818، أُرسل إلى آرس. هناك، أيقظ الإيمان في نفوس أبناء الرعيّة من خلال عظاته ولكن قبل ذلك من خلال صلاته وأسلوب عيشه. شعر بأنه فقير أمام الرسالة التي يريد إنجازها، فغرق في رحمة الله. أعاد ترميم كنيسته وزيّنها وأسّس ميتمًا: “العناية” واهتمّ بالفقراء.
معرّف
ذاع صيته كمعرّف وجذب الكثير من الحجّاج الذين أتوا يسألون الصفح من الله على يده فكانوا يعودون وملؤهم السلام. بعد تعرّضه للعديد من التجارب والمعارك الروحيّة، جذّر قلبه بمحبّة الله وإخوته؛ كان همّه الوحيد خلاص النفوس. إنّ تعاليمه وعظاته تتحدّث بنوع خاص عن صلاح الله ورحمته.
كان مستسلمًا كليًا للقربان المقدّس ولله، مع أبناء الرعيّة والحجّاج، وتوفّي في 4 آب 1859، بعد أن أسلم ذاته حتى النفس الأخير للحبّ. كان يعرف بأنه سيموت يومًا “سجين الاعتراف”.
الشكّ
لقد حاول الفرار من رعيّته ثلاث مرّات معتقدًا بأنه غير مستحقّ لرسالة الكاهن، وبأنه لم يكن يعكس صلاح الله. كانت المرّة الأخيرة قبل ستة أعوام من موته حين أوقفوه أبناء رعيّته في منتصف الليل ودقّوا جرس الإنذار، فعاد من جديد إلى كنيسته وراح يعرّف ابتداءً من الواحدة صباحًا. وقال في اليوم التالي: “لقد قمتُ بأعمال طفوليّة”.
عند وفاته، وصل عدد الجموع في جنازته إلى أكثر من ألف شخص، بمن فيهم الأسقف وكلّ كهنة الرعيّة، الذين أتوا ليكونوا حول من احتذوا بمثاله.
شفيع كلّ الكهنة
تمّ تطويبه في الثامن من شهر كانون الثاني 1905، وأُعلن في السنة نفسها “شفيع كهنة فرنسا”. تمّ الاحتفال بقداسته في العام 1925 على يد بيّوس الحادي عشر (في السنة نفسها التي احتُفل بقداسة القديسة تريز الطفل يسوع) وسرعان ما أُعلن “شفيع كهنة العالم أجمع” في العام 1929.
تجدر الإشارة إلى أنّ البابا يوحنا بولس الثاني زار آرس في العام 1986.
تستقبل آرس اليوم حوالى 550 ألف حاجّ في السنة الواحدة ويقدّم المزار أنشطة متنوّعة. افتتحت إكليريكيّة في العام 1986 لتنشئة كهنة المستقبل لأنه حيثما يمرّ القديسون، يمرّ الله معهم!
في العام 2010، أعلن البابا بندكتس السادس عشر سنة كهنوتية للكنيسة جمعاء تحت رعاية خوري آرس.