الإنسان يحلم دائمًا “بالشريك المثالي” ويمضي حياته في البحث عنه، وللأسف مرات كثيرة لا يجده لأنه حلم لا يمتّ للواقع بصلة، فتمرّ الأيام والشهور والسنوات من دون زواج لأنه لم يجده وهناك أناس ماتوا ولم يتجوّزوا لأنهم لم يجدوا “الشريك المثالي”.
البعض، يجدون “الشريك” ولأنّ هناك أمور في شخصيته أو فكره أو شكله لا تشبه “الشريك المثالي”، يطلبون من هذا الشريك “التغيير”:
يجب أن يضعف، يجب أن يمارس كمال الأجسام، يجب أن يغير قصّة شعره، يجب أن يغيّر لون شعره، يجب أن… إلخ. أمور كثيرة قد تكون تافهة أو أساسية وهنا تقع المشكلة:
إذا رفض الشريك هذا التغيير (وهذا من حقّه) نرجمه ونطلب منه الطلاق أو نخونه وإلخ. أو قد يقبل هذا الشريك “التغيير” من حبّه لنا فيبدأ بالتمثيل والتصرّف كما نحن نحبّ، ولكن مهما طالت “التمثيلية هناك مشهد أخير” وستسقط كل الأقنعة وهناك البكاء وصريف الأسنان…
المشكلة الكبيرة في حياتنا العائلية بأننا شعب يحب “الإنتظارات”، وهذه “الإنتظارات” تصبح “مقدّسة” عندنا لا نقبل بأن يمسّها أحد أو أن يغيّر حرف واحد منها. ولأن هذه “الإنتظارات” تكون مرات “أحلام وهميّة” بعيدة كل البعض عن الواقع، نعيش دائمًا خيبة الأمل: كثيرًا ما أسمع “أبونا لم أنتظر يومًا بأن تكون زوجتي هكذا قاسية مع…”، “أبونا لم أنتظر يومًا بأن زوجي سيكون هكذا عصبي أو قد يهينني بهذه الطريقة”، “أبونا إنتظرت بأن تتصرف زوجتي هكذا أو زوجي هكذا…” وإنتظرات كثيرة نضعها ثقل على الآخر، وننسى بأن دعوتنا أن نحبّ الآخر كما هو وليس كيف نحبّ نحن أن يكون…
مشكلة “الإنتظارات”، يقع بها الأولاد أيضًا في علاقتهم مع والديهم، “أبونا لم أنتظر يومًا بأن يكون والدي هكذا، مجرّد المشاعر، غير مبال بي وأنا إبنته الوحيدة”… فتمضي هذه الفتاة حياتها تعيسة وخائبة وحزينة لأن أباها لم يكن حسب إنتظراتها… وكثيرة من الأمثلة ليس الوقت الآن لتعدادها…
نصيحة إلى الزوجين “أحبوا بعضكم بعضًا كما أنتم وليس كما ترغبون بأن يكون الآخر”…
نصيحة إلى الأولاد ” أحبوا والديكم كما هم وليس كما تتخيلون أن يكونوا”…
نصيحة إلى الأهل “أحبوا أولادكم كما هم وليس كما تحلمون بهم أن يكونوا بالمستقبل”…
متى ستدرك البشرية بأن الآخر ليس موجود لتحقيق أحلامي وصوري الخاصة…
لنتذكر هذا القول لأحد الأباء القديسين “الله لا يحبنا لأننا رائعين… بل بحبّه جعلنا رائعين”.
(يتبع)