أراد أن يحيا الفقر…
إنّها مسيرة الغنى…إنّها الرّفاهيّة المطلقة بلقاء الحبيب… إنّها بحبوحة الفرح الحقيقيّ…
على مثال القّديس فرنسيس، سكب قلبه أمام الرّبّ، عاش فقيرًا، واتّضع. لم يحتفظ لنفسه بشيء، بل وهب ذاته كلّيًا، لمن وهبه ذاته كليًّا…
تأثّر خليل الحدّاد بالرّهبان الكبّوشيين، بالجيران، رهبان دير “مار أنطونيوس” “خاشبو” المجاور. كان يراهم يمرّون أمام بيته حاملين المؤن، والأمتعة على أكتافهم، ينتعلون صيفًا، وشتاءً حذاءً مقطّعًا من الجلد، أو الخشب ” الصندال”. يسيرون دائمًا بدون جوارب، وكنزات. يسيرون مسيرة التّخلّي، حتّى عن ما يقيهم البرد، والألم… يلتحفون بالرّجاء، ويتدثّرون بالصّلاة، ضمانتهم الوحيدة إيمانهم بالرّبّ. يسيرون في منتصف اللّيل، كان يسمع أصوات صلاتهم تزوره عبر نوافذ البيت. وفي الصّباح الباكر، يستيقظ على ابتهالاتهم تتعالى، ولا يتعبون. لا أوقاف لهم، حياتهم حياة فقرٍ مدقع، حياة تسبيح، وفرح، وتمجيد الصّليب، والمصلوب… إنّها الثّروة الحقيقيّة!!!
وانضمّ خليل إلى الرّهبان الكبّوشيين…
عل خطى فرنسيس عاش الفقر، والتواضع ، فبات “يعقوب”، الرّاهب الكبّوشيّ الذي دقّ جرس باب الدّير، دخل ووعد الرّبّ أن لا يغادره إلّا ساعة موته…
على خطى فرنسيس، تأمّل، بكمالات الله، وبعدله، وبحكمته، وبقدرته… على العناية الإلهيّة اتّكل، وسار يبحث عن فرح القريب… بلسم جراح الكثيرين، مسح دموع الألم عن وجنة الفقراء، والمهملين، والمرضى، والمنسيّين…
أراد عيش الفقر، ولكنّه كان غنيًّا بالعطاء، والحبّ… كان ثريًّا من أثرياء الرّحمة…
أيّتها العناية الإلهيّة، أشعلي قلوبنا بأنوارك المقدّسة، افرشي دروبنا بشعاع هدايتك ، فنحن بأمسّ الحاجة إليك، في ظروفنا الصّعبة هذه، نودّ أن نحيا الفرح ، ونعرف أن ثروتنا الحقيقيّة تكمن في اللّجوء إلى من افتدانا على الصّليب ، عندها سنحيا كمال الغنى، والرّاحة، والخير.