Audience Générale Du 23 Octobre 2019 © Vatican Media

من منّا لا يبحث عن السعادة؟

تأمل بنصّ إنجيلي، “عرس قانا الجليل” (يوحنا 2/ 1 – 11)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry
آه، كلمة “السعادة”، ما أجمل هذه الكلمة على السمّع ولكن كم هي بعيدة عن العيش.
“السعادة” هي حلم يحلم بها الكبير والصغير، القوي والضعيف، الشيخ والفتى، البتول والمتزوج،
هي قضية قلب كلّ إنسان.
من منّا لا يبحث عن السعادة؟!
من منّا لا يمضي ليله في التفكير عن حلول لحياته تجلبه السعادة؟!
من مناّ لم يتمزّق لأنه لم يستطع أن يجلب السعادة لأحد محبوب من قلبه؟!
من منّا، في الصباح، لا ينظر إلى وجهه في المرآة، محاولًا أن يرسم بسمة على وجهه، يتمرّن على الإبتسام وكأنه سعيد، لأنه أمام العالم يجب أن يظهر هذه الصورة؟!
من منّا، عندما يقول الناس عنه، “إنه إنسان مبتسم، سعيد، أنظروا إلى ضحكته”، فنبتسم أمامهم قائلين في قلوبنا: “آه، يا ليتكم تعلمون أن هذه الإبتسامة هي دمعة وجع؟!
نمضي حياتنا في البحث عنها، لدرجة مستعدين أن نفعل أيّ شيء من أجلها.
ولأننا فشلنا في تحقيقها،
فنعتقد بأن السعادة لا تتحقق إلا “عندما نسكر”، نعم نحتاج إلى “خمرة” ما تجلب لنا السعادة.
وهذه “الخمرة” تختلف من إنسان إلى آخر قد تكون: مخدرات، كحول، جنس ودعارة، مال، كثرة الأكل، كثرة النوم، وإلخ.
ولأن هذه “الخمرة” لم تعطينا السعادة، نعتقد بأن بكثرتها سنحقق السعادة، فنصبح عندئذٍ مدمنين على هذه “الخمرة”.
هذه “الخمرة” ليست سوى تخدير لمشاعرنا، تخدير لوجعنا وآلامنا.
هذه “الخمرة” تنقلنا من الواقع إلى الخيال، إلى خيال نرسمه نحن، خيال نحن فيه أبطال السعادة والفرح وإلخ. وعندما نستيقظ من هذا الخيال، نكتشف من جديد حقيقتنا، حقيقة واقعنا، بأن واقعنا هو الحزن والألم.
“ومتى سكر المدعوون”،
والأغرب هو تعلقنا الشبه يومي بهذه “الخمرة”، إلى درجة “عندما نسكر بها”، “نقبل بالأقل الجودة”، لأن كل شيء قد فقد المعنى لدينا. مثل الفتاة التي إستغلها حبيبها جنسيًا وتخلى عنها، فتبيع جسدها إلى من تلتقيهم لأن الحب فقد كل معناه لديها. أو مثل إنسان تعلق كثيرًا بالمخدرات، قد يقبل بأي نوع من المخدرات، المهم أن يتعاطى، أو مثل رجل يشرب كثيرًا وقد يشرب أيّ شيء ولكن المهم أن يشرب.
الغريب في كل هذا أن الإنسان يبحث عن “جوهرة” تدعى السعادة ولكن يبحث عنها في القمامة (الأرضيات والشهوات والملذات والفلتان). ولكن الجواهر لا توجد في القمامة، الجواهر لا نبحث عنها في الأمور الرخيصة. الجواهر لا تجدها إلا في “كنز” نعم في كنز يدعى “يسوع المسيح”، لأن “حيث يكون كنزك فهناك قلبك”.
أخي الإنسان،
تذكر عرس قانا الجليل، نعم إذا ليس هناك “خمرة” لن يكون هناك “فرح”، ولكن هذه “الخمرة” لا تستطيع أن تكون ضمان، لأنها يوم من الأيام أو بلحظة معينة ستنتهي وسينتهي “الفرح” معها. ولكن لكي يستمر هذا الفرح سيقبل المدعوون “بالأقل جودة”! ولم ينقذ هذا “الفرح” إلا وجود يسوع وأمه هناك.
وجود يسوع في هذا “الفرح” كان الضمان الوحيد لإستمرارية السعادة.
ألم يحن الوقىت لتدعو يسوع إلى “فرح حياتك اليومي”، إلى حياتك.
ألم يحن الوقت لكي تسلّم فرحك إلى مريم العذراء، أمك السماوية التي ستنتبه كثيرًا إلى “فرحك”.
وعندما سيكون هناك خطر عليه، ستنادي ضارعة إلى إبنها من أجلك.
ألم يحن الوقت، لتسليم حياتك إلى يسوع لكي يتدبّر أمورها، فتكون مثل الخدام في عرس قانا الجليل متأملًا بقول مريم العذراء لهم “مهما يقل لكم فافعلوه”.
ألم يحن الوقت لكي تثق به، تثق بأنه يريد سعادتك، يريد لك سعادة حقيقية لا تنتهي.
ألم يحن الوقت لكي تستسلم له.
ألم يحين الوقت لكي تصرخ “يا يسوع، لتكن مشيئتك”.
ألم يحن الوقت لكي تحول حياتك إلى إنجيل حيّ، إلى حياة تروي ظمآها من الكتاب المقدس.
ألم يحن الوقت لكي يصير منطقك وأفعالك “يسوع آخر”.
أخي الإنسان،
لماذا أنت خائف من الإستسلام الكليّ للربّ يسوع؟
تخاف من الغدر؟
معك حقّ، ولكن هذا الإله، هو إله حب لا يغدر ولا يخون ولا يتخلى ولا ييأس ولا يستسلم، إله يريد أن يمضي حياته في حبّك.
لقد حان الوقت لكي تقوم بعمل جبار وهو التخلّي.
وما أصعب التخلّي!!!
قم من رقادك،
قم من هذا اليأس الذي يخيّم على حياتك،
قم من هذه الكذبة التي تعيشها كل يوم.
قم وانطلق…
لأنّ الآن هو الوقت لكي يتعلّق قلبك بـ”خمرة” واحدة هي “خمرة المسيح”، جسده ودمه مصدر كل حياة وسعادة. منطقه مصدر كل ضمان. حياته مصدر كل تحويل.
المسيح يثق بك كثيرًا، يثق بقدراتك وبمواهبك لأنه هو الذي زرعها بك،
فقد حان الوقت لكي تثق بنفسك وبه بقدر ما هو يثق بك.
قم وانطلق…
Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الخوري سامر الياس

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير