كان هناك شخص يسير على الطريق فجرح يده جرحًا صغيرًا، فقال في نفسه: “آه من هذا الجرح، سيسبّب لي البكاء والألم إذا وضعت الدواء عليه”؛ فرفض فكرة المعالجة، ورفض فكرة إنه مجروح. وكان الناس يقولون له: “يا رجل ما بك تنزف؟ إنتبه هناك جرح”، فيجاوبهم بقسوة: “كلا لست بمجروح، أنا قوي جدًا، لست أنا المجروح بل أنتم”؛ ظلّ يتهرّب من العلاج، ليوم من الأيام، إستيقظ فرأى يده ملتهبة، وكان الحلّ بأن تقطع يده نهائيًا، وبقي طوال حياته حزينًا، متألـمًا…
غريب أمره، كان يستطيع في البداية أن يتألم ليوم واحد من خلال الدواء ويرتاح العمر كلّه، فرفض ذلك، ففرح لأسبوع واحد، وبقي متألما، طوال عمره، يتحسّر على يده.
ونحن كثيرًا، ما نشبه هذا الرجل، إخوتي الأحباء، على طريق الحياة، نتعرض كثيرًا لجروحات نفسية وروحية ومعنوية، كبيرة أو صغيرة، فنرفض أن نعالجها في وقتها، لأن علاجها يتطلب مواجهة وبكاء وألم وصراخ، فنكبتها ونرفض التكلم عنها، وكل من يقول لنا إنتبه هناك جرح، نرجمه ونشتمه ونرفضه ونعيش وكأننا لسنا بمجروحين، إلى أن يأتي يوم تكون هذه الجروحات قد إلتهبت كثيرًا، وقد أصبحت مثل بركان هائج لا نقدر معالجتها أو السيطرة عليها فتسبّب لنا هذه الجراح الموت الروحي والنفسي والإجتماعي… وتدمّر حياتنا وحياة من معنا…
لا تخف بأن تبكي ليوم واحد وتصرخ، لأن ذلك سيعطيك فرح كبير، بدل أن تدّعي الفرح لوقت ومن ثم تعيش حزن طويل جدًا.
بعض الأمثلة عن الجروحات:
خيانة صديق أو حبيب فأرفض أن اعالج ذلك وأكبته إلى أن يأتي يوم وينفجر هذا الجرح ويحطّم الكل.
التعرض لتحرّش ما، فتبقى الفتاة صامتة عن هذا الجرح ولا تقبل أن تعالجه إلى أن يأتي يوم وتلتهب كل حياتها من وراء هذا الجرح.
فشل في مشروع ما، فأرفض الكلام عنه أو إصلاحه وغيرهم من الجروحات…
لا تخف أبدًا من العلاج، حتى لو كان هناك ألم ووجع، لأنهما السبيل للخلاص…
العلاج يبدأ بالإعتراف بأنني مجروح ومتألم من جهة، ولفظ الجرح للأشخاص المناسبة (الكاهن، العائلة، الصديق،…) من جهة أخرى… من هنا تبدأ مسيرة العلاج الصحيحة…