اضطربت مريم لا من منظر الملاك، بل من كلامه، لأنّه مديح، وهي تحبّ التّواضع: ” ها أنا أمة الرّبّ.” لأنّه يدلّ على زيجةٍ، وهي نذرت العفّة: أنا لا أعرف رجلًا”
أبونا يعقوب الكبّوشيّ
بشارة غيّرت المقاييس، والمفاهيم…
مريم لم تفهم… لكنّها وضعت نفسها بين يديّ الرّبّ..
عرفت كيف تتأمّل بأعمال الرّبّ العظيمة، في ماضي شعبها ، ومستقبل الخلاص الآتي…
عرفت مريم كيف تصغي إلى صوت الرّبّ، فوجدت الكلمة عندها أرضًا طيّبة، لأنّها قبلتها في قلبها…في أحشائها، وتجسّدت لتولدَ حبًّا للعالم أجمع.
مع بشارة مريم … وقّع الرّب على مشروع الخلاص…
وهكذا كتبت رواية الحبّ الإلهيّ….
مشروع الله يدخل في عاديّات البشر، فيُدخل إلى تاريخهم ما هو غير عاديّ.
فتاة مخطوبة…. تنتظر مستعدّة… تنتظر فرحةً …وعدًا…
حقّق الرّبّ وعد الخلاص، فأرسل الملاك جبرائيل، ناداها قائلًا: ” افرحي يا ممتلئة نعمة، الرّبّ معك” (لو 1/28)
لم ينادِها الملاك باسمها… إنّها الممتلئة بالنّعم…
يعتبر أبونا يعقوب أنّ الملاك تكلّم مع مريم العذراء، وهو في وقوفٍ خاشع، خافض العينين، مع أنّه رئيس الملائكة. انحنى أمامها بالرّغم من رفعته.
حلّ عليها الرّوح القدس، وسكن الطّفل القدّوس، في أحشائها.
ومن سكن الرّبّ في داخله ، عاش الفرح، والسّلام…
أنار الرّبّ حياتها بشعلة روحه، فخرج منها المسيح، نور العالم…
طوبى لك يا مريم، لأنّ ابن الله اختارك له أمّا…
طوبى لنا يا مريم، لأنّ ابن الله جعلك أمّنا، لأنّ الرّبّ عطّر بيوتنا بشذا طهرك، وملأ قلوبنا بغمر عطفك…
دعاك الرّبّ إلى الابتهاج، وكلّنا إيمان أنّه يدعونا إلى كمال الفرح…
الرّبّ دومًا معنا، وروحه دومًا تظلّلنا، كلّنا نلنا حظوة بين حنايا قلبه… الرّبّ يتدخّل دائمًا بمبادرة الخلاص من حيث لا يمكن لبشر أن ينتظر.
لنتمثّل بإيمان مريم… لنتمثّل بمسيرتها الحياتيّة… لنعش الثّقة، والطّواعيّة، والتّواضع…
علّمينا …أيّتها الممتلئة نعمة، فرح الإيمان، والطّاعة، والإصغاء…
ساعدينا كي نحقّق ما يريده منّا طفلك القدّوس….