في هذا الأحد الثاني نجد أنفسنا في مواجهة مرة أخرى مع اللاهوت اللوقاوّي. ففي هذا المقطع من الإنجيل، في الآية 4 ، يدعونا الإنجيلي من خلال صوت يوحنا المعمدان القائل: «صَوتُ مُنادٍ في البرِّيَّة: أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَه قَويمَة».
يعلن المعمدان حنان الرّبّ، ويستخدم الإنجيلي هنا كلمات تعزية إستباقية إستخدمها قبلاً النبي إشعياء في القرن الثامن ق.م. في النصّ الإشعيائي، في الواقع، يخاطب النبي شعبه، الذين كانوا عبيدًا في بابل والذين عاشوا محرومين من أي رغبة في الحرية (راجع أش 40)، بكلمات إلهية تحمل الرجاء. وفي يومنا هذا، كما في ذلك الوقت، يرفع المعمدان ذات الصرخة متوسلاً إلينا أن نترك مكانًا لله في طرقنا وإختياراتنا وفي حياتنا. يدعونا يوحنا المعمدان، من خلال صوته النبوي، إلى الاستعداد للاستماع إلى “الكلمة” التي ستتجسد وتصير “طفلًا” بعد أيام قليلة.
«صَوتُ مُنادٍ في البرِّيَّة»
إذا كان المخلص، من جانب خاص، هو “الكلمة الإلهية”، فإن لوقا يقدم المعمدان بشكل يختلف عنه. المعمدان هو بمثابة صوت المسيح الذي هو الكلمة. ثم إذا كان المعمدان نفسه كما قيل لنا اليوم: «صَوتُ مُنادٍ في البرِّيَّة: أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَه قَويمَة». يوجه لوقا اليوم، هذه الدعوة إلينا، حتى يتمكن عقلنا من إستيعاب ملء الكلمة من خلال صوت المعمدان الذي سيصبح بالتالي أداة من أدوات الله لتوبتنا.
بحسب أوريجانوس، وهو أحد آباء الكنيسة في القرن الرابع ب.م: “أنه أذا كان الصوت يعطي الجسد للكلمة، فالكلمة تعطي معنى للصوت”. كما أن كل واحد منا، مثل المعمدان، مدعو لأن يفعل الشيء نفسه، أي أن يصبح صوتًا يعلن المسيح. بهذا يمكن للبشرية جمعاء، التي تصرخ بدون معنى، أن تجد في يسوع فقط معناها الخاص لحياتها ولكمالها.
«أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ»
بهذه الصيحة، يرشدنا المعمدان للطريق الصحيح، لإعادة اكتشاف حريتنا، ويدعونا أيضًا إلى أن نبدأ باعداد “الطريق للرب” في حياتنا. أي أن نُهيئ دروب الله .. كيف؟ هل طرق الله متعرجة مثل طرق الإنسان؟ يمكننا الإقتناع من شيء واحد وهو أن طريق الله مستقيم دائمًا.
فإن دعوة الإنجيلي لقلوبنا في هذا الأحد هي “تهيئة طرقنا”، أي التوقف عن الانحراف عن الطريق الصحيح ، وتجنب الضياع في الأمور الزائدة. زمن مجئ مبارك 2021.