Priest - Pixabay - CC0 PD

الحياة أعظم مرشد روحي للإنسان (2)

الجزء الثاني

Share this Entry
ليتأمل الإنسان بالصخرة والنحات. كثير من الناس نظروا إلى الصخرة فتجاهلوها لأنها مجرد حجر قاس، ليس لديها صورة أو قيمة أو معنى. أما النحات فنظر إليها، نظرة عميقة، نظر إلى عمقها فرأى من خلالها لوحة رائعة سينذهل العقل البشري أمامها. فقال لها ما رأيك أن أنحتك، فوافقت، وبدأ عمله. لم تشعر الصخرة إلا بالوجع، لم تشعر إلا بضربات الإزميل الموجعة، لم تشعر إلا بأقسام منها تتطاير شمال ويمين. مع كل هذا الوجع بقيت صامتة وأسلمت ذاتها بكليتها للنحات. الذي كان يألمها أكثر هو وجه النحات العابس والنظرات القاسية، ويوم من الأيام إستيقظت لترى إبتسامة رائعة على وجه النحات، إبتسامة لم تر مثلها من قبل، فشعرت براحة كبيرة جدًا، وما أذهلها هو الحشود الغفيرة التي تدافع للتكلم معها، الحشود الغفيرة التي تتدافع لتنظر ولو للحظة لها، فأصبح الجميع من خلالها يسبح الله.
وهكذا الإنسان، مرات كثيرة يشعر بأنه مثل هذه الصخرة، يشعر بأن الناس لا ترى فيه أي شيء، يشعر بأن ليس له قيمة أو وجود بأعين الناس. يشعر بأن لا قيمة له. فجأة يحضر الله في حياته، فيقول له: “يا ابني في داخلك تحفة رائعة، تحفة على صورتي ومثالي، هل تسمح لي بأن أعيد نحتك”. إذا وافق، هنيئًا له.
ولكن أرجوه بأن لا يستسلم أبدًا، لأن بمرحلة النحت سيشعر بأن الله ظالم، بأن الله قاس جدًا لا يريد سوى الآلام له، إله يستلذّ بتعذيبه، إنه من الطبيعي جدًا بهذه المرحلة بأن لا يشعر سوى بضربات الإزميل، لأن أمام ألم التخلي والتشحيل لن يشعر إلا بالألم، سيكون جدًا متشائم، ومع ذلك لا يجب أن يستسلم، لأنه سيستيقظ يومًا ما، ويرى ذاته لوحة فنية رائعة، يقصدها الناس لتمجيد الله من خلالها، يتكلم الناس عنها بإنذهال، سيكتشف حقيقة الله، بأنه إله حب لا يرغب إلا بتمجيد أحبائه. ليتأمل الإنسان بالقديسين فيكتشف حقيقة ما أقول…
(يتبع)
Share this Entry

الخوري سامر الياس

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير