في هذا الأحد الثالث من زمن المجيء، نسمع مرة أخرى صوت المعمدان الذي يتحدث عن يسوع في عظته بكلمات متناقضة: «يأتي مَن هُو أَقوى مِنِّي، مَن لَستُ أَهلاً لأن أَفُكَّ رِباطَ حِذائِه» (لو 3: 16). تكمن المفارقة هنا في حقيقة واضحة وهي أن المخلص الذي يتوقع المعمدان قدومه هو في الواقع “طفل هش”. ومن جانب آخر، يدعونا الإنجيلي لوقا لأخذ وقت للتفكير في هذه الكلمات حتى نتمكن من التأمل في قوة الآب الذي ظهر في صِغَّر إبنه الذي صار إنسانًا. وبهذه الطريقة يبدأ المسيحي في إختبار وعد الله الذي يفوق كل التوقعات البشرية.
- إتمام الوعد الإلهي
هذا الوعد الإلهي، الذي سيتحقق في الطفل، يستمر في النمو والنضج، حتى نصبح في حالة إنتظار لتحقيق وعد “الله”. إن الدعوة التي يوجهها المعمدان إلى كل واحد منا هي الحفاظ على هذا الوعد الذي لايزال مفتوحًا دائمًا حتى لا يتم إختزال عطية ومجد الله إلى رجاء بشري بسيط، حتى لو كان رجاءً تضامنه معنا نحن البشر.
- تبعيّة الأقوى
ما هو مؤكد هو أنه من الصعب جدًا على الإنسان أن يفكر في هذا “الإيمان المسيحي” الذي يطلب منه أن يكون دائمًا متاحًا لمفاجأة تجسد الإله في شكل طفل صغير. لهذا السبب بالتحديد، يشرح يوحنا المعمدان إنه لا يمكن إرتفاع قدر الإنسان نحو الله ولكنه يريد أن يغطس في حقيقته الكاملة. حقيقة الله مطلقة وليس لها حدود ويغلب عليها الموت (التي يُركظ إليها بالماء)، الإستمرار في حالة إنتظار “الأقوى “. الذي سيأتي بعد المعمدان، وهو يسوع، هو وحده سوف يغطس كل إنسان في حياة الله أي “الروح القدس”، أي في حياة الله ذاتها، هذا هو خلاص الإنسان، أي المشاركة في حياة الله وفي نوره.
في هذا المقطع من الإنجيل، يبدو الفرق بين العهدين واضحًا: إذا تحدثنا في العهد القديم عن الوعد، فإن هذا الوعد يتحقق بالكامل في العهد الجديد.
لذلك، يدعونا مار لوقا في هذا الأحد أن نطلب نعمة القوة التي هي قوة الطفل يسوع الذي يأتي لمواجهة ضعفنا ويقوينا في مواجهة التحديات اليومية. زمن مجئ مبارك 2021.