أجرى الأب الأقدس حواراً مع 4 أشخاص “غير مرئيين” خلال حلقة تلفزيونية عُرِضَت مساء الأحد 19 كانون الأوّل على القناة الإيطالية Canale 5 فيما كان هو في دار القدّيسة مارتا. وقد تمّ التطرّق خلال الحلقة إلى مواضيع ومشاكل متعلّقة بالعنف، الفقر، نتائج الوباء وحياة السجناء، مع الإشارة إلى أنّنا كنّا قد نشرنا القسم الأوّل من المقابلة الذي تضمّن الحديث عن أوّل موضوعَين، وهذا رابط المقالة
الله قريب من السجناء
عندما سأل بييردوناتو البابا إن كان هناك رجاء لِمَن يريدون التغيير، أجاب الأخير بجملة من الإنجيل: “الرجاء لا يُخيّب أبداً”. وأضاف: “الله دائماً قربكم، لأنّ أسلوب الله هو القُرب والتعاطف والحنان… الله مع كلّ من المساجين، مع كلّ سجين يختبر صعوبة… أنتم لا تقولون هذا لكنّكم تشعرون في قلبكم أنّه قد غُفِر لكم ولديكم ذاك الرجاء الذي لا يُخيّب… لذا أودّ أن أقول شيئاً: الله يسامح دائماً. وقوّتنا تكمن في الرجاء بهذا الإله القريب والحنون كأمّ. وهو يقول ذلك بنفسه، لذا تتمتّعون بهذا الرجاء”.
ثمّ عاد بييردوناتو وسأل كيف يمكن شفاء جراح السجناء الذين يشعرون بوحدة أكبر مع الوباء، فشرح البابا: “الوباء يفعل هذا، إنّه يتركنا لوحدنا… لكن يجب القول “أعرف أنّني سأخرج من هذا، أعرف أنّني سأفعل هذا أو ذاك”. لذا الكنيسة ضدّ عقوبة الإعدام، لأنّ ليس فيها رجاء”.
صداقات وجهاً لوجه، وليس افتراضيّة
من ناحيتها، تطرّقت ماريستيلا إلى مسألة نتائج كوفيد على الشباب وسألت كيف يمكن خلق علاقة صحية تتألّف من التواصل والاختبارات. فأعلن البابا: “خلال فترة العزل، لم تكونوا على تواصل مع أصدقائكم وعائلاتكم لأنّكم كنتم تعجزون عن الخروج. نحن نحتاج إلى تواصل ومقابلات وجهاً لوجه، لكنّنا نميل إلى الانعزال مع وسائل أخرى كالهاتف المحمول. وتعلّمتم من هذا الوضع أنّ الحوار الحسّي لا يمكن استبداله بحوار افتراضي”.
وعن عادة استخدامهم هواتفهم الذكيّة دائماً، أضاف البابا: “إن أردتم استعمال الهاتف الذكي، افعلوا ذلك لكن لا تمحوا الاتّصال المباشر مع الناس والمشي معاً واحتساء القهوة معاً… إن تركنا جانباً التواصل الحقيقي، سينتهي بنا الأمر بلا ثبات. والتواصل عبر الإنترنت ينقصه الحنان”.
ثمّ سألت ماريستيلا كيف يمكنها في عمرها التمتّع بعلاقة مع الله والحفاظ عليها.
“خلف الأبواب المغلقة، كلّ شيء يخضع للتجربة، حتّى العلاقة مع الله… إنّ العلاقة مع الله، ككلّ شيء آخر، تعيش الأزمات كأيّ علاقة عاطفيّة… والأزمة في الحياة تُشفى بالقرب والتعاطف والحنان. وإن سألتموني: “هل الغضب ضدّ الله خطيئة؟” سأجيب قائلاً إنّ مخاطبة الرب والقول له “ربّي، لا أفهمك” هي صلاة! غالباً ما نغضب على أهلنا… فلا تخشوا مخاطبة الرب هكذا، عالِمين أنّه يحبّكم وأنّه أب يعرف كيف يمكن أن يتصرّف الأولاد. يجب التحلّي بالشجاعة لنُخبر الرب عن كلّ المشاعر التي تُخالجنا، فيما الإنجيل بيدنا وقلبنا في سلام”.
أزمة، صراع ورجاء
هنا عاودت جيوفانا الكلام، وبعد أن أخبرت أنّها فقدت كلّ شيء بسبب الوباء، سألت كيف يمكن التمتّع بالرجاء. فأجابها البابا: “تسبّب لنا الوباء جميعاً بأزمة. وإحدى طرق الخروج من الأزمة لدى بعض البشر تقضي بالمرارة التي غالباً ما تكون نهاية الأزمة. عدد عمليّات الانتحار ازداد… الأزمة مفتوحة والصراع يحبسكم. لكنّكم لم تستسلموا وهذا رائع. أنتم تعطون دروساً بالصمود. أنتم تنظرون أمامكم وتخرجون بشكل أفضل من قبل، لكن ليس لوحدكم. ومن المهمّ جدّاً أن تبحثوا عمّن يُرافقكم”.
عندما يمرض المجتمع، يُبعد الفقراء
عندما سألت ماري “ماذا يجب أن نفعل كي ينفتح قلب الناس على الفقراء؟” أجاب فرنسيس: “عندما تنظرين إلى وجه فقير، يتغيّر قلبك لأنّ نظرة الفقير تُغيّر. إنّ ثقافة القمامة لا تعني فقط الفقراء وذوي الحاجات: كم من مرّة ضمن العائلة تخلّينا عن كبار السنّ… نميل إلى أن نُبعد ما لا نُحبّه وما يُشكّل لنا مشكلة. إذاً، عندما يمرض المجتمع، يبدأ بإبعاد الفقراء. لكن علينا أن نناضل”.
أمنيات البابا الميلاديّة
وفي نهاية الحلقة، توجّه البابا مباشرة إلى المُشاهدين وسألهم: “ما رأيكم بعيد الميلاد؟ أنّه عليّ أن أخرج وأشتري هذا وذلك… حسناً، لكن ما هو الميلاد؟ شجرة؟ تمثال طفل المغارة مع رجل وامرأة قربه؟ نعم، إنّه يسوع، إنّه مولد يسوع. توقّفوا وفكّروا في هذا، فكّروا في الميلاد كرسالة سلام. أتمنّى لكم ميلاداً حقيقيّاً مع يسوع. وهذا لا يعني أنّه لا يمكننا أن نأكل ونحتفل ونقدّم الهدايا… لكن افعلوا ذلك مع يسوع ومع سلامه في قلوبكم. يسوع آتٍ ليلمس قلوبكم وعائلاتكم وليدخل منازلكم وحياتكم. يسهل العيش مع يسوع، لكن لا تنسوا هذا. ميلاداً مجيداً، وصلّوا لأجلي”.