Mother with her child - Pixabay CC0

Mother with her child - Pixabay CC0

الأم، أيقونة رسمها الله

طوبى للإنسان الذي لديه أمّ تذرف الدموع من أجله

Share this Entry
سألني أحد الأصدقاء، في يوم من الأيام، من هي “الأم”، فوقفت عاجزًا عن الكلام وعن وصفها، لأنني لم أجد كلمات بشرية أعبّر من خلالها عن روعة وقيمة “الأم”.
عندما عدت إلى غرفتي، في المساء، جلست على مكتبي أخط على أوراق ذهبية من هي “الأم”؟
الأم، إيقونة رسمها الله لتتعلّم من خلالها البشرية الإنجيل فتدرك معناه ولكي ترى مثالًا حيًا عن عيش الإنجيل.
– الأم، هي صاحب الوزنات الخمس والعشرة، التي تتاجر دائمًا بهم فتفيض هذه الوزنات أضعاف وأضعاف (متى 25\14-30).
– الأم، هي الأرضة الطيبة التي يزرع بها الله البنين، ومن خلالها يثمرون ستين ومئة (متى13\18-23).
– الأم، هي ذلك السامري الصالح، الذي لا ينتهي أبدًا من عمل المحبة (لوقا 10\25-37).
– الأم، هي ذلك الوكيل الأمين الساهر الذي يعطي الطعام في حينه، ويسهر على أبنائه ينتظر عودة السيّد (لوقا 12\42).
– الأم، هي ذلك العبد البطّال، الذي يمضي حياته في خدمة أسياده ولا يخلد إلى النوم إلا من بعدهم (لوقا 17\9-10).
– الأم، هي التي من خلال أمومتها تحققّ قول الإنجيل”ليس هناك حبّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبائه”(يوحنا 15\13).
– الأم، هي التي من خلال أمومتها تحقق أمام أبنائها قول يوحنا المعمدان “لي أن أنقص وله (لهم) ان ينمو” (يوحنا 3\30).
– الأم، هي التي تجعل من أبنائها “يسوع آخر” لأنها تعمل على نموّهم “بالحكمة والقامة والنعمة، عند الله وعند الناس” (لوقا 2\52).
– الأم، هي ديمومة الكنيسة، لأنها الكنيسة الأولى التي تزرع في أبنائها الإيمان وحبّ الله.
– الأم، هي التي تحول أمومتها إلى صليب تحمله بفرح وثبات وثقة، فتموت عليه لتعطي الحياة لأبنائها.
وهنا لا بدّ من وقفة ضمير، أقول من خلالها ألف شكر وشكر إلى “أمي”.
– ألف شكر يا أمي، لأنك أهديتني الحياة، لكي من خلالها أسبّح الله وأخدمه.
– ألف شكر يا أمي، لأنّك علّمتني الصلاة، في كل مرة كنت أرى المسبحة تنساب بين أصابعك.
– ألف شكر يا أمي، لأنك علّمتِني حبّ القريب في كل مرّة كنت أراك تسرعين لنجدة الآخر.
– ألف شكر يا أمي، لأنك كنت مصدر دعوتي، ألف شكر على صلاتك التي غذَّت حياتي الكهنوتية وكانت من أركانها.
– ألف شكر يا أمي، لأنك علمتني كيف تكون “الأم الحقيقية”، فأصبحت على مثالك ليس فقط الأب لأبناء رعيتي بل أمّ أيضاً لهم.
ما أغرب حبّك أيتها الأم، حبّ يذرف الدموع دائمًا، حبّ يصلّي من خلال دموعه (لوقا 7\11-17)، دموع الفرح أمام نجاح وسعادة أولادها، دموع الحزن أمام آلام ومرض وضياع أبنائها.
وهذه الدموع أطيب صلاة على قلب الله، فهو ينظر إلى دموع الفرح وكأنها صلاة شكر، وإلى دموع الحزن وكأنها صلاة توسّل وتضرّع من الأم، وأمام دموع الأم يُسرِع الربّ إلى كفكفة دموعها.
أمي أرجوك إحتفظِ لي بدموعك في كأس من ذهب، هذه الدموع إنها غالية على قلبي، فأرتوي منها في أيام ضعفي وسقطتي وحزني فتكون تعزيتي عندئذ، وأرتوي منها في أيام فرحي ونجاحي فتكون قوتي عندئذ.
أيتها الأمّهات كل ما أتمنّاه لكنّ ليس الصحّة والطول العمر و… (هذه الأمور كلّها يتمناها أولاكم لكنّ كل يوم) ما أتمنّاه هو “الله يقدسكن”، ولماذا القداسة؟ لأنّ لي القناعة بأنّ الأمّهات لا ينتهي دورهنّ هنا على الأرض، بل يتابع في السماء، فتصبحن “شفعاء” لأولادكنّ…
فأيتها الأمّهات إسهرن على قداستكنَّ…
اللَّهم، بارك أمهات العالم أجمع، وإرحم جميع الأمهات التي إنتقلت إلى أحضانك، وكل ما أطلبه منك كافئهنّ على قدر دموعهنّ. آمين
Share this Entry

الخوري سامر الياس

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير