Holy Lent - Fasting

CC0 - Rovin - Pixabay

قبور الشهوة وزمن الصوم الأربعيني

يسوع يقمينا من قبور الخطية

Share this Entry

كلمة قبور الشهوة وهي من أصل عبري “قبروت هتأوه” وهي محلة لبني إسرائيل في برية التيه على بعد 15 ميلًا شمالي شرقي سيناء. وفي ذلك الوقت هذا المكان الذين دفنوا فيها من الشعب بني إسرائيل الذين تمردوا واشتكوا بعد أن أكلوا المن والسلوى صارخين إلى موسى «مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا؟ قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّانًا، وَالْقِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ. وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا. لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ!» (سفر العدد 11: 5- 6).

 وَإِذْ كَانَ اللَّحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ، حَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى الشَّعْبِ، وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدًّا. فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَوْضِعِ «قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ» لأَنَّهُمْ هُنَاكَ دَفَنُوا الْقَوْمَ الَّذِينَ اشْتَهَوْا. (سفر العدد 11: 33- 34).

 سلك شعب بني إسرائيل بعد خروجهم من أرض العبودية تارك أرض  رعمسيس وانطلقوا إلى سكوت وتعني هذه الكلمات في فكر العلامة أوريجانوس المصري: “ترك مدينة الفساد أي أرض الخطيئة  منطلقين نحو إلى أرض الخيمة، أوالمخيم” ودخلوا في البرية ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم :”البرية كمدرسة التزم العبرانيون بدخولها، وللأسف كانت تصرفاتهم وسلوكهم كأطفال صغار، وكان الله يحتملهم ويتعامل معهم على هذا الأساس” وفي البرية الشعب تذمر بعد فترة قصيرة من الخروج وأشتهو الأكالات التي كانت في زمن العبودية وهي تذكرنا بالعودة إلى الخطية ومع رغم كل النعم والعطايا التي منحها الله لشعبه في البرية من خلال المن والسلوي واهتمامه من خلال السحاب وعمود النار، يعود الإنسان إلى الخطية ويقول “ليتنا موتنا في أرض مصر”.

شهوة يشتهيها الإنسان من خلال أعمال الجسد التي هي ضد أعمال الروح القدس وفى مسيرة صوم الأربعين وهى تقودنا نحو صلب وموت وقيامة يسوع المسيح، تصاحبنا قبور الشهوة عندما نسلك في طريق الخروج من العبودية. والصوم الأربعيني هو بمناسبة مسيرة في البرية نختبر فيها نعم وعطايا الله وندفن خطايانا في البرية لكي نقوم مع المسيح القائم من بين الأموات. في البرية نسمع ونصغي إلي صوت الرب ونترك مدينة رعمسيس ونطلق نحو الخيمة أي الكنيسة ونسير معه على مثال تلاميذ عماوس وهناك نتحد معه  بسر الإفخارستيا.

نترك قبور الشهوة ونطلق إلى برية سين. ومعنى كلمة “سين” شوكة، جُرْف أو طين. فبرية سين هي بريّة التطهّر على مستوى أعمق من الحواس، وهو المستوى الروحي. وكما يُطهّر الذهب من الشوائب ويُطهر بالنار، هكذا الإنسان في هذه المرحلة يُطهّر بالأشواك، ويُعاد تشكيل طِينتِه وخَلْقِهِ من جديد.

علينا أن نترك قبروت هتأوه أي قبور الشهوة التي تصاحبنا في حياتنا اليومية وهي نقطة ضعفنا البشري. وعندما نترك قبور الشهوة التي تفوح منها رائحة الكريهة نعطي مكانةً لله يعمل فينا كما في فعل بالعظام اليابسة التي تحدث عنها النبي حزقيال “فَقَالَ لِي: «تَنَبَّأْ عَلَى هذِهِ الْعِظَامِ وَقُلْ لَهَا: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْيَابِسَةُ، اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِهذِهِ الْعِظَامِ: هأَنَذَا أُدْخِلُ فِيكُمْ رُوحًا فَتَحْيَوْنَ”.(حزقيال 37: 5- 6 ).

 في عظمة الله وقدرته على إعادة إحياء الأجساد المائتة. إنه رمز ودليل واضح للقيامة يجعلنا نؤمن أكثر فاكثر بكلام الله وبقدرته اللامتناهية وليس فقط في إحياء البشر من الموت، بل من الموت الروحي أيضًا. والله قادر أن يحيي ما خلقة مرًة أخرى.

في تلك اللحظات ُتفتح الأبواب المغلقة أمام الرب يسوع يدخل ويسكن في قلوبنا ومن هذا المنطلق تفوح منا رائحة القداسة ويرد فيها روح الحياة كما فعل الله في العظام اليابسة.

قبور الشهوة هي التي تمزقنا في حياتنا اليومية التي نحملها في قلوبنا ويُخيم علينا الظلام، ولا أحد  يعلم بما في داخلنا إلا الله وحده.

قبور الشهوة هي عبارة عن الخميرة التي تسكن في قلوبنا، وهي رمز للخطية وهكذا الله يطلب من الشعب الإسرائيلي أن ينزع الخميرة من بيوتهم لكي يقدس الشعب من خطاياهم.

تدعونا فترة الصوم إلى ترك الشهوة وندخل في البرية، وهناك ندفن شهواتنا التي تعوقنا في الاتحاد مع الله. ونسير تلك المسيرة نحو الجلجلة حيث نموت مع يسوع ونقوم معه بالأعمال الصالحة والحياة الجديدة.

قبور الشهوة هي كل إنسان سلك وأنغمس في الخطية والرجوع إلى الماضي، وعلى الإنسان أن يترك كل الضعفات ولا يستسلم أبدًا إلى الخطية ويترك نفسه تحت قيادة الروح القدس.

الله يكلمنا في سفراشعياء النبي عن العودة والتوبة “هكذا يقول السيد الرب ” اغتسلوا وتطهروا وازيلوا شر أفعالكم من أمام عيني وكفوا عن الإساءة تعلموا الاحسان وإلتمسوا الإنصاف. (أش 1: 16). قبور الشهوة وهي تشبه الإنسان الذي يترك نفسه تحت أعمال إبليس  لفترات كثيرة من الزمن ومن هنا تراكمت عليه الغبار أي الشهوات وعندما نترك انفسنا في يد الله يشكلنا كالخزف في يد الخزاف.

علينا أن نلتجي إلى البرية وكلمة البرية في اللغة اليونانية (إريموس)،التي ترجمت إلى “برية” وهى تعني التخلي والهجران” فهي تدعونا إلى تركنا وتخلينا عن المتعلقات الشخصية  وخاصة خطايانا  التي سكنت في قلوبنا منذ زمن بعيد.

والبرية هي أن نكون جالسين عند أقدام الرب يسوع نستمع له ونعمل بما يقولُ لنا كما كان الشعب يصغي له وهو يعظ على الجبل. نرى شخصيات انتصرت على  قبور الشهوة الإبن الضال الذي رجع إلى أبيه تائبًا. وشخصية السامرية التي تقابلت مع الرب يسوع وأعطاها الماء الحي وتركت جرتها أي تركت الخطية.

وشخصية لعازر الذي قام من بين الأموات بعد أربعة أيام أي بعد ما أَنتَنَ في القبر. وهذه المعجزة ترمز إلى الإنسان المنغمس في الخطية لدرجة أنها خرجت منه رائحة  لا يقبلها احدًا.

وعندما ننزع عنا قبور الشهوة نكون على مثال القديس أغسطينوس  الذي غيرحياته من حالة الخطية إلى حالة النعمة وأصبح معلم الكنيسة.

 يسوع يقمينا من قبور الخطية، عندما نسمح بدخول الرب يسوع في حياتنا نحيا معه.  خبرة البرية مع الله نكتشف أنفسنا في لحظات ضعف ولحظات قوة وعلى ُخطى خطوات العهد القديم وخبرتهم في البرية ومع يسوع المنتصر على إبليس والتجارب وبقيادة الروح القدس نسير نحو القداسة.  في البرية نبتعد عن العالم  والمجتمع، ونلتجيء إلى يسوع المسيح ونسير معه نحو القداسة.

Share this Entry

الراهب بولس رزق الفرنسيسكاني

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير