في عالم الأعمال اليوم، يظهر مفهوم القيادة الريادية وهي نوع جديد من القيادة التي تشير إلى القادة الذين يمكنهم المخاطرة واغتنام الفرص والابتكار، الدافع الرئيسي لهؤلاء القادة هو رغبتهم في خلق الفرص الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، قلة الموارد لا تثبط عزيمتهم، بدلاً من ذلك تدفعهم هذه المشاكل وتقودهم للبحث عن حلول للتغلب عليها.
تُعد القيادة الريادية أحد العوامل الحاسمة التي تساعد المؤسسات في الوصول إلى الأهداف، لذلك، تؤثر خصائص القيادة الريادية للأشخاص الذين يشغلون مناصب قيادية على أداء المؤسسات واستمراريتها وفعاليتها وإنتاجيتها، يجب أن يتمتع هؤلاء الأشخاص بخصائص قيادية ريادية من أجل اكتساب مزايا القدرة التنافسية وتنمية شركاتهم وتطويرها، حيث كان هناك إجماع نسبي بين الباحثين حول الكفاءات المميزة التي تحفز وتمكن هؤلاء القادة من قيادة مؤسسة بنجاح، هذه الكفاءات هي مزيج من الخصائص الشخصية والمهارات والمعرفة التي لها تأثيرات طويلة الأمد ومؤثرة على الأداء التنظيمي. وفقًا للدراسات فإنّ بعض أهم سمات القيادة الريادية هي الثقة بالنفس، التصميم، مهارات الاتصال والإقناع، الانفتاح على الأفكار الجديدة، الرؤية، المبادرة، التفكير الإيجابي، المرونة، المخاطرة، العمل الجاد، القدرة التنظيمية، المعرفة، المثابرة، اغتنام الفرص، والتجديد الذاتي المستمر، هؤلاء القادة قادرون على القيادة من أي منصب، إنهم يعرفون أنّ القيادة لا تأتي دائمًا من القمة، وهي تأتي من العمل وليس التسلسل الهرمي، هؤلاء الأشخاص يتمتعون بأداء عالٍ ويتعاونون في حل المشكلات، واليوم أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة إليهم في جميع القطاعات. إن المفتاح هو الانفتاح على التعلم والقدرة على حشد الآخرين في مؤسستك لفعل الشيء نفسه، فأفضل القادة هم المتعلمون وكلما تمكنت من تطوير عقلية التعلم، كلما كنت أفضل في البقاء منفتحًا على سماع الأفكار الجديدة، والنظر في وجهات النظر المعاكسة، والتوصل إلى قرارات أفضل.
هناك العديد من الدراسات حول القيادة الريادية لكن القليل ربطها بالقيادة المدرسية، ربما يرجع ذلك إلى حقيقة أن القيادة المدرسية كان يُنظر إليها تقليديًا على أنها منفصلة، على الأرجح لأن نجاح المدرسة لا يُقاس بالعائد المادي. ومع ذلك، من بين العديد من أوجه التشابه الأخرى، تشترك المؤسسات التربوية مع باقي المؤسسات في التركيز على نتائج واضحة وقابلة للقياس، لقد ثبُت أن نجاح المدرسة مرتبط بالقيادة الناجحة، لذلك، فإن القيادة القوية والنابضة بالحياة هي عامل لا غنى عنه في إدارة وتنظيم المدرسة بصورة فعالة، فالقيادة التربوية الحالية في المدارس تواجه تحديات جديدة وغير متوقعة، مثل المطالب المتزايدة لتحسين جودة التعليم، والتغيرات السريعة، والموارد المحدودة، والحاجة الملحة لإعداد المتعلمين لمستقبل شديد التنافس، ومجموعة متنوعة من العوامل التي تؤثر على الأداء المدرسي، وبالتالي، فإنّ هذا يستدعي لاحتضان ودمج وممارسة القيادة الريادية في المؤسسات التربوية، وهذا من شأنه أن يساعد في تحقيق الأهداف المحددة للمدارس، وخلق بيئة داعمة للتغيير والابتكار والإبداع في المدارس، حيث تعتمد القيادة الريادية أسلوب قيادة محدد يمكّن القادة من مواجهة القضايا الإدارية المتعلقة بمسؤولياتهم وأدوارهم في مؤسساتهم، وبناًء عليه، فهو يساعد القادة في توجيه الأفراد لتحقيق الأهداف التنظيمية ومعالجة العقبات في مراحل مختلفة من التطور التنظيمي، والتحسين من قدرة المدرسة على تطوير وتنفيذ أفكار جديدة تؤدي إلى تغييرات وتحسينات حاسمة في المدرسة، إضافة إلى القدرة على استكشاف فرص تعليمية جديدة، وكذلك الميل إلى اتخاذ الإجراءات واستغلال الفرص والتغييرات، كما تساعد كفاءات القيادة الريادية قادة المدارس على مواجهة تعقيدات وقيود البيئة المدرسية، وتسهيل التغيير الإيجابي في عملية التعليم والتعلم والتي يمكن أن تكون على المدى الطويل معياًرا لتحقيق كل من أهداف المدرسة والتغيير المجتمعي المطلوب.
وهذا يعني أنه كلما زاد الإدراك لأهمية ممارسة القيادة الريادية من قبل قادة المدارس، كلما كانت المدرسة أكثر ابتكارًا من خلال خلق ثقافة مدرسية مبتكرة، تشجيع ودعم التفكير الريادي والأفكار المبتكرة، والتغلب على تحديات تطبيق الأساليب التربوية المبتكرة، ومع ذلك، قد لا يكون قادة المدارس على دراية بأهمية هذه الخصائص في القيادة المدرسية، أو مقدار الابتكارات التي يمكنهم تنفيذها في المدرسة، أو التحسينات التي يمكنهم تحقيقها في الأداء المدرسي، قد يستلزم ذلك تحسين وعي ومعرفة قادة المدارس بالأدوار الجديدة التي يجب أن يلعبوها في تسهيل الابتكار المدرسي من أجل أن يكونوا قادرين على مواجهة التحديات المتزايدة في البيئة المدرسية وبالتالي خلق بيئة تعليمية إيجابية.