Statue De La Vierge Marie À Notre-Dame @ Diocesidiroma

انتقال العذراء واقع يعنينا نحن أيضاً لأنها تدلنا على مصيرنا

تأمل في عقيدة إنتقال العذراء مريـم بالنفس والجسد إلى السماء

Share this Entry
إعلان عقيدة إنتقال العذراء بالنفس والجسد إلى السماء :
١ – يقول البابا بيوس الثاني عشر : “بهذا الشكل إن أم الله المعظمة ، المتحدة بشكل سماوي بيسوع المسيح منذ الأزل وباختيار مسبق مماثل للحبل بها بلا دنس ، ولعذريتها في أمومتها الإلهية ، ولاتحادها السخي في عمل الفادي الإلهي الذي حمل النصر على الخطيئة ونتائجها، نالت في الختام ، كتتويج سامٍ لامتيازاتها أن تُحفظ من فساد القبر، وبعد الغلبة على الموت ارتفعت نَفْساً  وجسداً  إلى مجد السماوات ، حيث تشع ملكة عن يمين إبنها، ملك الدهور الذي لا يموت” (Cost. ap.Munificentissimus Deus, AAS 42 (1950), 768-769).
هذا هو كنه إيماننا بانتقال العذراء بالنفس والجسد إلى السماء : نحن نؤمن أن مريم ، مثل المسيح إبنها ، قد تغلبت على الموت وهي منتصرة في المجد السماوي في كلية كيانها ، ” نَفْساً  وجسداً ” .
تندرج أُم الله في سر المسيح بشكل عميق لدرجة أنها تصبح شريكة في قيامة إبنها بكل كيانها، انطلاقاً من ختام حياتها الأرضية ، تعيش ما ننتظره نحن في نهاية الأزمنة عندما سيهزم ” العدو الأخير ” ، الموت ( كورنتس ١٥ : ٢٦ ) . تعيش مريم في ما نتلوه في قانون الإيمان ” نترجى قيامة الموت والحياة في الدهر الأتي ” .
وعليه، يمكننا أن نتساءل : ما هي جذور هذا الإنتصار على الموت الذي نرى إستباقه في مريم ؟ الجذور تقوم في إيمان عذراء الناصرة، كما يشهد نص الإنجيل الذي سمعناه ( لوقا ١ : ٣٩ – ٥٩ ) : إيمان هو طاعة لكلمة الله واستسلام كامل للمبادرة والعمل الإلهيين ، بحسب ما يُعلن رئيس الملائكة . الإيمان، إذاً ، هو عظمة مريم ، كما أعلنت بفرح أليصابات : مريم هي ” مباركة بين النساء ” ، و” مباركة ثمرة بطنها ” لأنها ” أم الرب ” ، ولأنها تؤمن وتعيش بشكل فريد التطويبة الأولى ، تطويبة الإيمان . تعترف أليصابات بهذا الأمر بفرحها وبفرح الجنين الذي يرتكض في أحشائها : ” طوبى للتي آمنت بأن سيتم ما قيل لها من قبل الرب ” ( لوقا ١ : ٤٩ ) .
٢ – عقيدة  إنتقال سيدتنا مريم العذراء والقديس انطونيوس البدواني :
بالنسبة للقديس أنطونيوس البادواني الذي فسّرَ هذه العقيدة مع معلمي وآباء الكنيسة الذي هم أيضاً فسّروا هذه العقيدة في تعليمهم :  انها نقطة انطلاق مجد مريم هي أمومتها الإلهيّة ، إنّها أم يسوع ، ابن الله المتجسّد .
هذه الحقيقة الرائعة تدفع القديس أنطونيوس للصلاة : ” أيتها المرأة السعيدة أكثر من كلّ النساء ، التي كان لها الإبن مع الله الآب ” . من هذا الامتياز تصدر كل امتيازات مريم العذراء : البتوليّة الدائمة ، الوسيطة ، أم الكنيسة و أُمّ كلّ المؤمنين ، وخاصّةً إنتقالها إلى السماء .
مريم العذراء حبلت بيسوع ، وأنجبته وغذّته وربّته من حيث أنّه إنسان ، وأحبّته ورافقته في كلّ مراحل حياته حتى الآلام والموت ، فكانت متّحدة به اتّحاداً عظيماً حتى بعد الموت . مريم العذراء أعطت الطبيعة البشريّة لإبن الله الذي جاء ليخلّصنا ويخلقنا خلقاً جديداً ، لذلك شاركت إبنها مجد القيامة ، فانتقلت بالنفس والجسد ، لتشارك إبنها كلّ مجد السماء .
يذكر القدّيس أنطونيوس هذا الاتحاد التّام بين مريم ويسوع المسيح ربّنا في عظة عيد الانتقال. فيذكر آية من النبي إرميا : ” يا عَرشَ المَجدِ السَّنِيِّ مُنذُ البَدْء ومَقَرَّ مَقدِسِنا ”  (١٧: ١٢)، ويفسّر الآية قائلاً : ” إنّ العذراء الطوباويّة كانت مقرّ مقدسنا . يأتي اليوم كلّ التأمليين والمؤمنين والتائبين ليكرّموا بتقوى وتسبيح وإحتفال مريم العذراء ، التي كانت لنا مقرّ مقدسنا ، يسوع المسيح ” . ويتابع مستشهداً بآية من اشعيا النبي : ” مَجدُ لبْنانَ يَأتي إِلَيكِ ، السَّرْوُ والسِّنْدِيانُ والبَقْسُ جَميعاً ، لِزينَةِ مَكانِ قُدْسي ، وأُمَجِّدُ مَوطِئَ قَدَمَيَّ  ” (٦٠: ١٣) ، فيقول : ” موطئ قدميّ الرب هي مريم العذراء ، إذ منها أخذ جسد طبيعتنا البشريّة . واليوم مجّد الرب هذا المكان ، ممجّداً مريم العذراء فوق أجواق الملائكة . هكذا يتبيّن أنّ مريم العذراء قد إنتقلت إلى السماء ، فهي كانت موطئ قدمي الربّ ” . ويتابع مفسّراً آية من المزمور :  ” قُمْ يا رَبُّ إِلى مَكانِ راحَتِكَ أَنتَ وتابوتُ عِزَّتِكَ ”  (١٣٢: ٨) ، فيقول : ” إنّ الربّ قام عندما صعد وجلس عن يمين الآب . وقام تابوت المقدس لمّا انتقلت الأم العذراء إلى مجد السماء ” . كما يأتي على ذكر الملكة أستير التي توجّها الملك بتاج الملك ( استير ٢: ١٧) ، فيقول : ” تَوجَّت مريمُ العذراء إبنَ الله بجسد طبيعتنا البشريّة ، لذلك يتوجّ الآن الأمَّ بتاج المجد السماويّ . عظّموها اليوم بتاج المجد الذي كلّلها به الإبن في يوم انتقالها ” . وفي ختام العظة ، يسكب القدّيس أنطونيوس ما في قلبه من عاطفة وحبّ للسيّدة المجيدة والمحبوبة : ” نصلّي إليك يا سيّدتَنا المجيدة ، يا أم الله ، المرتفعة فوق جوق الملائكة ، لتملأي قلبنا بالنعم السماويّة فنرتفع نحو أعالي المجد السماويّ وننال سعادة القدّيسين ، بيسوع المسيح ابنك الذي رفعك فوق جوق الملائكة وتوجّك بتاج الملك ، على عرش النور الأزليّ . له الكرامة والمجد إلى الأبد . آمين . هللويا ” .
٣ – كيف نفهم عقيدة انتقال العذراء مريـم إلى السماء ؟
يقول قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر : كي نفهم عقيدة انتقال العذراء علينا أن ننظر إلى الفصح ، سر خلاصنا الذي يشكل عبور يسوع إلى مجد الآب ، من خلال آلامه وموته وقيامته من بين الأموات . ومريم التي ولّدت ابن الله بالجسد، هي الإنسان الأكثر انخراطاً في هذا السر، والتي خُلصت منذ اللحظة الأولى في حياتها، وانضمت إلى آلآم إبنها ومجده .
إنتقال مريم إلى السماء هو بالتالي سر فصح المسيح ، الذي تحقق بالكامل فيها هي . أنها متحدة بشكل وطيد مع ابنها القائم من الموت ، المنتصر على الخطيئة والموت . لكن انتقال العذراء واقع يُعنينا نحن أيضاً لأنها تدلنا على مصيرنا ، مصير البشرية والتاريخ .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
أسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير