إنّ الله الكُليّ الرحمّة والرأفة ، مُتّهم بحنّوه على الإنسان ، وبجلوسه بالقرب من الخاطئ ، وبجوعه لإرتداد هذا الإنسان وعطشه لعودته إليه ، وبموافقته على تناول أطعمة الرحمّة وعلى شرب كأس الخلاص .
ولكنّ لماذا جَاءَ الرّب يسوع المسيح إلى هذه الوليمة ؟
لقد جاء من هو الحياة إلى هؤلاء المدعوّين لِيحيا معهم ” أُمَّا أنا فقَد أَتيتُ لِتكونَ الحياةُ لِلنَّاس ، وتَفيضَ فيهم ” ( يوحنا ١٠ : ١٠) ، ويفتدي بِحياتهِ الّذين كانوا على وشك الهلاك والموت .
إن القيامة تمدّدت على هذه المائدة لكي ينهض الخاطئون من معاصيهم ، والراقدون في الموت من قبورهم . لقد تنازلت النعمة لترفع الخطأة حتّى المغفرة والمصالحة . تجسَّدَ الله وجاءَ إلى الإنسان لكي يَرتفعَ الإنسان إلى الله . جاء القاضي إلى وليمة المُذنبين لِيُخَلِّصَ البشريّة من حُكم الإعدام كما قال يسوع نفسه : ” لِأَني ما جئتُ لأدين العالم ، بل لأُخَلِصَ العالم ” ( يوحنا ١٢ : ٤٧ ) .
جاء الطبيبُ إلى المَرضى لِيُعيدَ قِواهم المنهَكَة من خلال تناوله الطعام معهم . أحنى الراعي الصالح كتفه ليعيد الخروف الضال إلى حظيرة الخلاص ” فإذا وجدَ الخروف الضال حملَهُ على كَتِفَيهِ فٓرِحاً ، ورجَعَ بهِ إلى البيت ودعا الأصدِقاءَ والجيرانَ وقال لهم : إِفرَحوا معي ، فَقَد وَجَدتُ حروفيَ الضَّالّ ! أقولُ لكم : هكذا يكونُ الفَرَحُ في السَّماء بخاطِئٍ واحد يَتوبُ أكثَرَ مِنه بِتِسعَةٍ وتِسعين مِنَ الأبرار لا يَحتاجونَ إلى التوبة ” ( لوقا ١٥ : ٥ – ٧ ).
ولكن مَن هو الخاطئ ، إن لم يَكُن ذاك الّذي يرفض أن يرى نفسه خاطئًا ؟
والابتعاد عن النِعمَةُ والغرق في الخطيئة ، هو توقّف الإنسان عن رؤية ذاته خاطئًا . والإنسان الغير العادل يعتبر نفسه ومع الأسف عادلاً .
أخي المؤمن بمحبةِ الله ورحمتِهِ وحنانه ِ.
أخي الإنسان فريسيّ اليوم ، ادخل إلى أعماقِ قلبكَ وافحص ضميركَ وهلمَّ وبدون خوف إعترف بخطيئتِكَ ، وهكذا يمكنك المجيء إلى مائدة الرّب يسوع المسيح .
الذي سيُقدِّم نفسه خبزًا من أجلك ، هذا الخبز الّذي سيُكسَر لمغفرة خطاياك . سيصبح الرّب يسوع المسيح من أجلك الكأسَ ، ” هذه الكأس الّتي ستُهرَق من أجلِ جماعةِ النَّاس لِغُفران الخطايا ” ( متى ٢٦ : ٢٨ ).
هيّا، أيّها الفرّيسيّ المعاصر ، شارك في وليمة الخطأة كما شارك يسوع الخاطئينَ والَعشَّارين لأنّه ” ليس الأصِحَّاءُ بِمُحتاجينَ إلى طبيب ، بل المرضى ” . اعترف بأنّك خاطئ ، وسيأكل الرّب يسوع المسيح معك لأنه قال : ” ما جئتُ لأَدعُوَ الأبرار ، بل الخاطئين ” ( متى ٢: ١٧ ) .
أُدخُل مع الخطأة إلى وليمة الفرح ، وليمة سيّدك الطبيب الشافي ، فيمكنك ألاّ تكون بَعدَها خاطئًا . أدخُل مع مغفرة الرّب يسوع المسيح إلى بيت الرحمة لتجد السعادة الحقيقية .
+ المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك