“كما أنّ آلام المسيح أثمرت الخلاص للعالم، هكذا كلّ عذابٍ أو ألمٍ لدى الإنسان، يمكن أن يقود إلى الحياة. لذا يقول يسوع: “من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها. ومن أهلك نفسه من أجلي يجدها…”
أبونا يعقوب
عشق أبونا يعقوب الصّليب، واعتبر أنّ لا سماء إلّا بالصّليب، وأدرك أنّ الألم هو أكبر هديّة من لدن الله لأصحابه…
عاش النّذر، متنهّدًا الألم حلم قيامة، مغتنيًا بالإيمان ثروة، ومتّشحًا بطهر القداسة رايةً، ترفعه إلى فرح السّماء…
اعتبر أنّ الصّليب هو جوابٌ عن لغز العذاب…إن قبلناه جيّدًا، يكون بالنّسبة إلينا، مفتاح ذهب، يغلق أمامنا الجحيم، لأنّ الوجع ينقّينا، ونحن على الأرض. ويفتح لنا أبواب السّماء..
أبونا يعقوب “رسول الصّليب” ، من الصّليب استمدّ صلابة الاستمرار، والبقاء بالرّغم من كلّ الصّعاب، والمشقّات الّتي فرضتها عليه حياة التّقشّف والإماتة.
رأى في الصّليب على مثال القدّيس بولس، فرح الخلاص، وقوّة الله” إنّ كلمة الصّليب عند الهالكين حماقة، أمّا عندنا نحن المخلّصين فهي قوّة الله” كور 1/18
لم ينحنِ أبونا يعقوب أمام صعوبة، تعترض رسالته …إنّه المكافح، والبطل الّذي لا تقوى عليه شدّة، لأنّ روح الله تسكب فيه أشعّتها، فتتوهّج في كيانه قدرةً قدسيّة فائقة…على مثال الصّليب الملتمع الذي لا ينهزم، استمرّ ملتمعًا في إيمانه حتّى الرّمق الأخير.
“الصّليب أوضح من الشّمس، وأكثر لمعانًا من الأشعّة لأنّها لمّا أظلمت أضاء الصّليب متلألئًا. حين أظلمت الشّمس لم تتلاشَ بالكليّة بل غلبتها أنوار الصّليب. القديس يوحنّا الذّهبيّ الفم من عظة “قوّة الصّليب”.
أنهك الكبّوشيّ جسده، في خدمة رسالته، فاتّحاده بالرّبّ جعله يفرح بألمه، ويعيش الصّبر، لأنّ همّه الوحيد “إرضاء صليب الرّبّ، حبيب القلب”. مهما ثقلت صلبان حياته، كان إيمانه القويّ يبثّ فيه العزم، إذ كان يستمدّ قوّته من الإله المصلوب، وخلاصه كان من شغفه بخشبة الخلاص.
كانت جراحاته بلسمًا، طيّب به جراح القريب، وخفّف من عذابات المصلوب. طريق جلجلته كانت خطوات نحو السّماء.
هكذا عاش أبونا يعقوب معترفًا، أنّنا في الصّليب نرى عظمة محبّة يسوع ، في الصّليب نرى قدرة يسوع ، في الصّليب نرى سلام يسوع…
ليتنا نناجي الصّليب دومًا، ونراه ذلك الحبيب، الّذي يشعل أحلام فرحه، في داخلنا ….لأنّه شارة الخلاص، والانتصار … ليتنا نماثله من حيث الشّكل ، فنبقى مرفوعي الأيدي نحو السّماء…
ليتنا نرسم الصّليب بقلب الإيمان المستعدّ…”لا يكفي أن نرسم الصّليب بالأصابع فقط، بل يجب أن يسبق ذلك استعداد القلب، والإيمان الحقيقيّ” “القدّيس يوحنّا فم الذّهب “
أبونا يعقوب…على خطاك سنواجه الألم ….سنجعله ورود حبّ، نحملها لنضعها عطر فرحٍ أمام صليبك يا يسوع….
كم هو رائع أن نعيش الألم بسموّ معانيه ، فنلقاه ذاك النّور الّذي سيقودنا إلى رجاء القيامة ، ونؤمن أنّ الصّليب هو خلاصنا ، به نقوى …به تحلو لحظاتنا، لأنّه يجعلنا نسمات حبّ، في حقول الفرح الإلهيّ…!!!