في الألم يبحث الإنسان عن المُسكِر لينسيه ألم الحياة والسنين العجاف. في المسكر يبحث الإنسان عن موضوعٍ يريد من خلاله إرضاع حبّه الجائع، يريد إسكات تلك المجاعة البشعة. في المسكر يريد الإنسان كتم أنين القذائف التي تقصف نفسه الضعيفة. في المسكر يريد أن ينسى من كان له خائنًا، معثِّرًا له ومن أداة روحه غرف المحظور حتىّ وصل المسكر لتدمير كيانه الضائع والهائم على وجه الحياة. سكرةُ الحُبِّ هي من كانت له مضيعةً للوقت في حياته البدائية التي سرعان ما تطوّرت إلى جنون حبّ.
لا تجد النفس البشرّية راعيها إلا في تلك السكرة الأولى والوحيدة التي تدمي قلب المعصية وتجعلها تضمحلّ ليشرق نور الحبّ. هذا الشروق الذي لا مثيل له على النفس البشرّيه من فعل إله يقال له “جنون” هذه الصفّة التي يطلقها كارهوا ذلك الإنسان والإله (إله كامل وإنسان كامل دون تماذجهما وذوابهما ببعض– حسب تعليم الكنيسة الكاثوليكية)، فعل سكرة الحب الأولى في التاريخ فتجسّد في ميلادٍ قاسٍ على طفلٍ ليس هنالك من مثيل لرقتّه القلبية. والسكرة الثانية تمّ فعلها عن دافع عشقٍ للحبّ البشري فمات وقام من أجل معاصي البشر.