تُعرّف القيادة بالإنجليزية :(Leadership) بالقدرة على تحفيز وإثارة اهتمام مجموعة من الأفراد، وإطلاق طاقاتهم نحو تحقيق الأهداف المنشودة بكلّ فعالية وحماس، كما يُمكن تعريف القيادة بأنّها القدرة التي يتميّز بها القائد عن غيره بتوجيههِ للآخرين بطريقةٍ يتسنّى بها كسب طاعاتهم واحترامهم وولائهم، وشحذ هممهم، وخلق التعاون بينهم في سبيل تحقيق هدف بذاته[1]، ولغوياً يأتي لفظ القيادة من الفعل قادَ يَقُود، قَوْداً وقياداً وقِيادَةً، فهو قائِد، والمفعول مَقُود، بمعنى مشى أمامه وتولّى توجيهه وتدبّر أمره[2].
تتصل القيادة بالعديد من المجالات حول العالم، فمثلاً قد تكون إحدى المجالات هي قيادة المجتمع، والدين، والسياسة، والحَملات الانتخابية[3]، وبالتالي يُمكن اعتبار القيادة بأنّها شكل من أشكال الفن الذي يجعل الأشخاص يقومون بفعل الأشياء التي يُريدها القائد لأنّهم يُريدون حقاً القيام بها، كما تتضمّن القيادة أحياناً اتخاذ قرارات صعبة وسليمة ولكن يُمكن تجاوز هذه الصعوبات من خلال خلق رؤية واضحة لتحقيق الأهداف.[4]
دخلت القيادة إلى العالم المسيحي منذ اليوم الأول، فالمسيح هو القائد الأول للإنسان نحو هدفه الأسمى ألا وهو الخلاص. أريد التنوية بأنني قد أخذت صفة الراعي تشبيهًا للقيادة علمًا بأنه يمكنها أن تتمثل بالملك أو قائد السفينة على سببيل المثال لا الحصر. فالمسيح قد أشار إلينا ب “الخراف”، وحسب المصادر العلمية يعتبر الغنم من الحيوانات التي من السهل السيطرة عليها وتنقاد بسرعة دون وعي. فالخروف الشارد وإن كان على مرمى حجر من القطيع، يصبح تائهاً ومشوشاً وخائفاً وغير قادر على تمييز طريق العودة إلى القطيع. والخاروف الضال يعدّ من أضعف المخلوقات، ذلك لعدم قدرته على الدفاع عن نفسه أمام أي إعتداء يتعرّض له.
يلعب الراعي عدّة أدوار بالنسبة للقطيع. فهو يقود ويطعم ويغذي ويعزي ويقوّم ويحمي القطيع. والراعي هو هذا الرأس للقطيع الذي يقوده نحو خيره. تتخذ المسيحية صورة الراعي للدلالة على المسيح. و هو المثال الأسمى الذي يجب أن نتبعه. وقد أدرك الرسول بولس هذا: “كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضاً بِالْمَسِيحِ” (1كو 11: 1). إن القائد المسيحي شخص يتبع المسيح ويلهم الآخرين لكي يتبعوه بدورهم.
إن القائد المسيحي شخص يتخذ من كلام المسيح طريقًا له، ويطعم منه خرافه. هذا الكلام الأشهى لروح الكائن البشري. كما يقود الراعي قطيعه إلى أفضل المراعي الخضر حتى يتغذوا ويتقووا، فكذلك القائد المسيحي يغذي قطيعه بالطعام الوحيد الذي ينتج مؤمنين أقوياء وأصحاء. إن الكتاب المقدس وتعليم الكنيسة والآباء هو الغذاء الذي ينتج مؤمنين أصحاء. “… ليْسَ بِالخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَل بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الرَّبِّ” (تث 8: 3).
كما أن الراعي يستخدم العصا لكي يدافع فيها عن الخراف ويجذب إليه الخروف الشارد كذلك على القائد أن يتخذ من حماية المؤمنين أولوية في حياته، ويؤدِّب من يدخل السوس والشرّ على من هم تحت قيادته. ولكن دون غل أو حقد أو غطرسة بل “بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ” (غل 6: 1)، فيجب على القادة أن يقوموا بدورهم وفق المباديء الكتابية. إن التقويم أو التأديب لا يكون أبداً خبرة مسرة لأي من الطرفين، ولكن القائد الذي يفشل في هذه الناحية لا يظهر المحبة لمن هم في رعايته. “لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ…” (أم 3: 12)، ويجب أن يتبع القائد المسيحي مثال الرب. إن الخاطفين اليوم هم من يحاولون جذب الخراف بعيداً بالتعاليم الكاذبة، وإهمال الكتاب المقدس بإعتباره كتاب عتيق وغير وافٍ أو يصعب فهمه. إن هذه الأكاذيب تنتشر بواسطة من حذرنا المسيح منهم بقوله: “إحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الْحُمْلاَنِ وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ!” (مت 7: 15). يجب على القادة حمايتنا من التعاليم الكاذبة التي يقدمها من يريدون إبعادنا عن حق كلمة الله وحقيقة أن المسيح وحده هو طريق الخلاص: “أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي” (يو 14: 6).
يقول جون ماك آرثر في مقال بعنوان “مطلوب: بعض الرعاة الصالحين (يستلزم معرفة كيفية غسل الأرجل)”: “في إطار الخطة التي رسمها الله للكنيسة، فإن القيادة هي دور خدمة محبة متواضعة. إن قيادة الكنيسة هي خدمة وليست إدارة. إن من يعينهم الله كقادة مدعووين ليس كملوك حاكمين، بل كعبيد متواضعين؛ وليس كمشاهير لامعين، بل كخدام عاملين. إن من يقودون شعب الله يجب أن يكونوا قدوة فوق كل شيء في التضحية والإلتزام والخضوع والتواضع. لقد قدم المسيح نفسه نموذجاً عندما إنحنى ليغسل أرجل التلاميذ، وهي مهمة كان من المعتاد أن يقوم بها أقل العبيد شأناً (يو 13). إذا كان رب الكون يرتضي أن يفعل ذلك، فلا يملك أي قائد كنسي الحق في أن يتعالى على الآخرين”.
[1] SUSAN WARD (2020-9-17), “What Is Leadership?”، www.thebalancesmb.com, Retrieved 2021-3-18. Edited.
[2] معنى القيادة، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2021-3-18. بتصرّف.
[3] “Leadership Skills”, www.skillsyouneed.com, Retrieved 2021-3-20. Edited.
[4] Mary K. Pratt, “leadership”، www.searchcio.techtarget.com, Retrieved 2021-3-18. Edited.