CC0 creative commons pixabay

ما هي اليقظة في المسيحية؟

هل نحن في حالة استعداد دائم؟

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

اليَقَظَة (بالإنجليزية: Wakefulness)‏ هي حالة دماغية متكررة يوميا، يكون فيها الفرد واعيًا ومشاركا في الاستجابات المعرفية والسلوكية تجاه العالم الخارجي مثل الاتصال والتأمل والأكل وغيرها. واليَقَظَة هو عكس حالة النوم، والتي يتم فيها استبعاد معظم المدخلات الحسيّة من المعالجة العصبية.

يقول الأب أنطوني دو ميلّو (وهو راهبٌ يسوعيّ هنديّ الجنسيّة، معالجٌ نفسيّ، ومعلّمٌ روحيّ، وكاتب): “إنّ الرّوحانيّة تعني الإستيقاظ. مُعظمُ النّاس نائمون، على الرُغم من أنّهم لا يدركون ذلك. لقد وُلدوا نائمين، يعيشون نائمين، يتزوّجون أثناء نومِهم ولا يستيقظون مطلقًا. إنّهم لا يفهمون روعة ذلك الشيء الذي ندعوه الوجود البشريّ”[1].

إنطلاقًا من كلام الأب أنطوني دو ميلّو، نتساءل كمسيحيين عن مدى إستيقاظنا الروحي وإستعدادنا، ولكن عن أيّ إستعداد نحن نتكلَّم؟، هل نحن فعلًا مستيقظون أم نائمون؟. يسبقنا يسوع في إنجيله لينبّهنا على مدى ضرورة الإستعداد واليقظة الروحيّة للمؤمن. في إنجيل لوقا 12: 35-48، الذي يتأمّل به البابا فرنسيس في 11 آب 2019 خلال التبشير الملائكي يقول: “يدعو يسوع تلاميذه إلى اليقظة المستمرّة. لماذا؟ حتى لا يفوتهم عبور الله في حياتهم، لأن الله يمرّ باستمرار في الحياة. ويدلّهم على كيفيّة عيش هذه اليقظة بطريقة جيّدة: “لِتَكُنْ أَوساطُكُم مَشدودة، ولْتَكُنْ سُرُجُكُم مُوقَدَة”. هذه هي الطريقة. لتكن أوّلًا، “الأَوساطُ مَشدودة”، وهي صورة تذكّر بتصرّف الشخص الحاجّ، المستعدّ للانطلاق في مسيرة. أي عدم التجذّر في مساكن مريحة ومطمئنة، بل تسليم الذات، والانفتاح ببساطة وثقة على مرور الله في حياتنا، وعلى مشيئة الله، الذي يقودنا نحو الهدف التالي. إن الربّ يسير معنا دائمًا وغالبًا ما يأخذ بيدنا، كي يقودنا، حتى لا نخطئ في هذه المسيرة الصعبة للغاية. في الحقيقة، إن مَنْ يثق بالله يعرف جيّدًا أن حياة الإيمان ليست أمرًا جامدّا، إنما ديناميكيًّا! حياة الإيمان: هي مسيرة مستمرّة، للتوجّه نحو مراحل جديدة باستمرار، يشير إليها الربّ يومًا بعد يوم. لأنه ربّ المفاجآت، ربّ المستجدّات، ولكن ربّ المستجدّات الحقيقيّة”.

اليقظة في المسيحية هي الخروج من راحة المسيحي الشخصيّة والدخول في راحة الله، والله يسمح للمسيحي بالدخول في حالة القلق ليطهِّره من نزواته، التي تُبعدَه عن الله. يحزن الإنسان المسيحي إن دخل في صراحة وشركة مع أخيه المسيحي. هذا الزعل يناقض الروحانية المسيحية التي هي مبنية على الشركة والصدق والصراحة. لكن ما الرابط بين الخروج من الراحة الشخصيّة والدخول في راحة الله من جهة والصراحة والدخول في شركة من جهة أخرى؟.

في تعريف الله الذي هو مطلق وكائن بفضل ذاته وخيِّر لا نقائص فيه، وهو ثالوث الأقانيم متحدّة بالمحبّة والشركة والرابط بين الآب والإبن هو الروح القدس. وعلى المسيحي في حياته أن يكون على مثال الثالوث، تحرّكه المحبّة وتفتحهُ على الآخرين. من شروط الإنفتاح، أن يكون الإنسان المسيحي، صادق مع أخيه الإنسان، يُحبّ، يشارك بإنفتاح كُلّ الخُيور الدنيوية والروحيّة؛ والمسحي لا يخشى من أن يقول له الآخرون الحقيقة التي تزعجه. في الختام يأتي السؤال للمؤمنين المسيحيين، هل هم في حاجة لهذه الحالة من اليقظة؛ أم هم في سُبات كما قال أنطوني دوميلّو؟

[1] أنطوني دوميلّو، اليَقَظَة، دار المشرق، بيروت، لبنان، ط 2، 2015، ص 9.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

سليمان فرنجيه

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير