Vierge du Carmel, Santa Maria in Traspontina, Rome, capture

مع مريـم العذراء نرتفع نحو إبنها يسوع (1)

تأمّلات حول العذراء مريم في الشهر المريميّ

Share this Entry

تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في العالم أجمع خلال شهر مايو / ايار بالشهر المريمي، المكرّس للسيدة العذراء مريم ، يتم فيه تقديم الصلوات إلى الله بشفاعتها الوالدية، من خلال القداديس والصلوات والطقوس التي نُظمّت خصيصاً للإحتفالات التي تقام طيلة أيام هذا الشهر.

شهر مايو / أيار ، كرسته الكنيسة في الغرب منذ عام  ١٣٦٥ لتكريم السيدة العذراء والدة الإله ، ثم انتقل هذا التكريس إلى الشرق نظراً لأهمية ومكانة العذراء مريم عند جميع المسيحيين  والشرقيين منهم خاصةً . ويحمل هذا الشهر للمسيحيين عامةً ، وللذين يُكرمونها معاني روحية سامية ، تتجلى في تقديم الصلوات والإبتهالات والطلبات إلى الله  ، بعد تكريمها وتبجيلها  خلال هذا الشهر المبارك .

أحبائي ، أولاد العذراء مريـم ومحبيها :

خذوا  والدة الإله أُمّاً وشفيعةً وحاميةً لكم ، وصلَّوا  لها المسبحة الوردية ، و الصلوات الخاصة بها  . أقيموا لها هيكلاً في بيوتكم وضعوا عليه أيقونتها العجائيبية ، وأمامها شمعة مضاءة ، وزهور  و ورود فستنالون منها  ، كما هي وعدت ،  نِعَمْ روجية جمّة خلال حياتكم ، وخاصةً في ساعة موتكم  .

يقول لنا القديس شارل بوروميو : ” صلاة المسبحة الورديّة  صلاة إلهية أكثر من غيرها، بعد ذبيحة القداس المقدسة ” .

والبابا بيّوس التاسع : “ ان العذراء مريم والدة الإله القديسة، تهدم أصنام وبدع العصر الحديث، بشرط أن يصلي المؤمنون في كل مكان المسبحة الوردية ” .

أحبائي :

تأملاتنا في هذه السنة ستكون تحت شعار :

” مع مريـم العذراء نرتفع نحو إبنها يسوع ” .

اتمنى لكم شهراً مريمياً مباركاً ، وكُلُّ سنة وانتم سالمين ، وفِي حماية العذراء مريـم الكُليّة القداسة .

اليوم الأول : تاريخ  بدء وإنتشار الشهر المريمي
” أنا أمة الرّبّ ” ( لوقا ١ : ٣٨  )
منذ اللحظة التي قالت مريـم العذراء للملاك  : “ أنا أَمَة للرب ” ، شاركت في يسوع إبنها التدبير الخلاصي ، لذا فإن الكنيسة تكرّمها وتطلب شفاعتها بكونها والدة الله .
لهذا السبب  تكرّمها الكنيسة منذ القدم ، وقد خصصت لها خلال السنة إحتفالات و صلوات وتأملات لتكريمها.
شهر مايو / ايار شهر الورود ، والجمال ، والحياة ، والتجدد، لذلك خصصته الكنيسة المُقدّسة لإكرام أُمّنا السماويّة  مريـم العذراء . فكما ان الورد في شهر مايو /  أيار يملأ الدنيا عطراً  وجمالاً ، كذلك أُمنا العذراء مريـم يفوح منها عطر قداستها وشفاعتها في سماء الكنيسة المقدسة ومنها للعالم أجمع .
إن الأب حنا نادازي اليسوعي هو أول من وضع كتاب صغير يختص بالشهر المريمي فيه ٣١ تأملاً، وذلك سنة ١٦٦٤  وسماه ” المحب لمريم ” . وأما الفضل في تخصيص هذا الشهر لإكرام والدة الله الكُليّة القداسة ، فأنه يعود إلى أبوين يسوعيين هما الأب كسافير جاكولة السويسري ، والأب انيبال ديونيزي الإيطالي .
إن الأب كسافير قد طبع كتابه سنة ١٧٢٤ في ديلغن في ألمانيا وسماه كتاب الشهر المريمي ” البتول الطاهرة وفضائلها ” .
وأما الأب انيبال ألف كتاب مضمونه التعبّد لمريم في شهر أيار سنة ١٧٢٦ . ولكن قبل هذا كانت الكنيسة الغربيّة تكرّم مريم خلال شهر مايو / أيّار، بطريقة متواضعة ومحليّة دون إنتشار واسع . ففي القرن الرابع عشر كان الراهب الدومينيكي هنري سوزو، في فترة الربيع وتفتّح الورود، يدعو المؤمنين إلى تحضير أكاليل من الزهر والورود للعذراء الطاهرة. وفي العام ١٥٤٩  طبع الراهب البنديكتي زايدل كتاباً عنوانه ” شهر أيّار الرّوحيّ ” ، وفي الحقبة عينها كان القديس فيليب نيري يدعو الشبيبة إلى إكرام العذراء إكراماً خاصّاً في هذا الشهر ، وكان يجمع الأطفال والشبيبة حول مذبح العذراء ليقدّموا لوالدة الله، مع الورود، الفضائل الروحيّة التي كانوا يريدون أن يعيشوها .
أمّا في مدينة كولونيا الألمانية، فكان تلاميذ الآباء اليسوعيّين يقومون برياضة روحيّة في شهر مايو / أيّار إكراماً لمريم أُمّ يسوع ، وفي مقاطعة الألزاس ، كانت جماعة من الشابات المكرّسات يذهبن  من بيتٍ إلى بيت لجمع الورود لتزيين مذابح العذراء خلال هذا الشهر المبارك .
وفي القرنين السادس عشر والسابع عشر بدأ الآباء الكبّوشيّون والفرنسيسكان بالاهتمام بهذا الشهر، فكتب الراهب الكبّوشيّ ثلاثين قصيدة مريميّة لإكرام العذراء في مايو / أيّار، وفي نابوليّ بدأ الفرنسيسكان يصلّون صلاة فرض العذراء في كنيسة القديّسة كلارا الملكيّة. أمّا الدومينيكان فبدأوا سنة ١٧٠١، في مدن فييزوله وغريزانا وفيرونا وجنوا الإيطالية بتكريم مريم طوال شهر مايو / أيّار.

ومن إيطاليا إنتقل هذا الإكرام المريمّي لشهر مايو /  أيّار إلى فرنسا عشيّة الثورة الفرنسيّة ، لكن خلال الثورة العظمى قد خَفّ الإكرام لمريم البتول حيث كان الأب ألفونس موزارلي اليسوعي قد ألّف كتابه النفيس ” الشهر المريمي ” المطبوع سنة  ١٧٨٥ ، وهذا الأب له نفوذ كبير بين الكاثوليك وخاصة لأنه قد خدم الكرسي الرسولي ورافق البابا بيوس السابع في منفاه إلى فرنسا. وبعد ذلك الحين اثبتوا الباباوات بسلطانهم الإكرام لمريم في شهر مايو /  أيار وشجعوا على ممارسة الكتب المريمية لا سيما التي تختص بهذا الشهر  ، ولم تنحصر عبادة الشهر المريمي في حدود قارة اوروبا بل تجاوزتها مع المرسلين الكاثوليكيين فازدهرت في أميركا وآسيا حتى انتهت إلى الشرق الأقصى . وبدأ هذا الشهر يأخذ أهمّيته في الشرق عامة وفي لبنان وسوريا وفلسطين خاصة ، نتيجة لعمل المرسلين والمبشّرين اللاتين ، من يسوعيّين وكبّوشيّين وفرنسيسكان ودومينيكان وآباء عازاريين ، فانتشرت هذه العبادة في ربوع بلادنا  وصار مايو / أيّار شهر مريم ، وهو لم يكن بجديد على الشرقيّين الّذين بدأوا بإكرام مريم في شهر مايو / أيار قبل دخول هذه العبادة إلى الكنيسة الغربية بحوالي الألف سنة .

إن الحديث عن مريم وتكريمها كثير جداً، لذا لا بد أن نعرف  المعنى الليتورجي لمريم العذراء أم الرب ، لنكرّمها أحسن إكرام. إذ ليس في الأسماء بعد اسم يسوع اسم أحب على قلوب المسيحيين ، كإسم مريم ، فهو حلاوة  وعسل في قلوبهم  ، والطريق المؤدي إلى إبنها يسوع .

+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا                                                                                                                                                                                                       اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك

Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير