تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في العالم أجمع خلال شهر مايو / ايار بالشهر المريمي، المكرّس للسيدة العذراء مريم ، يتم فيه تقديم الصلوات إلى الله بشفاعتها الوالدية، من خلال القداديس والصلوات والطقوس التي نُظمّت خصيصاً للإحتفالات التي تقام طيلة أيام هذا الشهر.
شهر مايو / أيار ، كرسته الكنيسة في الغرب منذ عام ١٣٦٥ لتكريم السيدة العذراء والدة الإله ، ثم انتقل هذا التكريس إلى الشرق نظراً لأهمية ومكانة العذراء مريم عند جميع المسيحيين والشرقيين منهم خاصةً . ويحمل هذا الشهر للمسيحيين عامةً ، وللذين يُكرمونها معاني روحية سامية ، تتجلى في تقديم الصلوات والإبتهالات والطلبات إلى الله ، بعد تكريمها وتبجيلها خلال هذا الشهر المبارك .
أحبائي ، أولاد العذراء مريـم ومحبيها :
خذوا والدة الإله أُمّاً وشفيعةً وحاميةً لكم ، وصلَّوا لها المسبحة الوردية ، و الصلوات الخاصة بها . أقيموا لها هيكلاً في بيوتكم وضعوا عليه أيقونتها العجائيبية ، وأمامها شمعة مضاءة ، وزهور و ورود فستنالون منها ، كما هي وعدت ، نِعَمْ روجية جمّة خلال حياتكم ، وخاصةً في ساعة موتكم .
يقول لنا القديس شارل بوروميو : ” صلاة المسبحة الورديّة صلاة إلهية أكثر من غيرها، بعد ذبيحة القداس المقدسة ” .
والبابا بيّوس التاسع : “ ان العذراء مريم والدة الإله القديسة، تهدم أصنام وبدع العصر الحديث، بشرط أن يصلي المؤمنون في كل مكان المسبحة الوردية ” .
أحبائي :
تأملاتنا في هذه السنة ستكون تحت شعار :
” مع مريـم العذراء نرتفع نحو إبنها يسوع ” .
اتمنى لكم شهراً مريمياً مباركاً ، وكُلُّ سنة وانتم سالمين ، وفِي حماية العذراء مريـم الكُليّة القداسة .
ومن إيطاليا إنتقل هذا الإكرام المريمّي لشهر مايو / أيّار إلى فرنسا عشيّة الثورة الفرنسيّة ، لكن خلال الثورة العظمى قد خَفّ الإكرام لمريم البتول حيث كان الأب ألفونس موزارلي اليسوعي قد ألّف كتابه النفيس ” الشهر المريمي ” المطبوع سنة ١٧٨٥ ، وهذا الأب له نفوذ كبير بين الكاثوليك وخاصة لأنه قد خدم الكرسي الرسولي ورافق البابا بيوس السابع في منفاه إلى فرنسا. وبعد ذلك الحين اثبتوا الباباوات بسلطانهم الإكرام لمريم في شهر مايو / أيار وشجعوا على ممارسة الكتب المريمية لا سيما التي تختص بهذا الشهر ، ولم تنحصر عبادة الشهر المريمي في حدود قارة اوروبا بل تجاوزتها مع المرسلين الكاثوليكيين فازدهرت في أميركا وآسيا حتى انتهت إلى الشرق الأقصى . وبدأ هذا الشهر يأخذ أهمّيته في الشرق عامة وفي لبنان وسوريا وفلسطين خاصة ، نتيجة لعمل المرسلين والمبشّرين اللاتين ، من يسوعيّين وكبّوشيّين وفرنسيسكان ودومينيكان وآباء عازاريين ، فانتشرت هذه العبادة في ربوع بلادنا وصار مايو / أيّار شهر مريم ، وهو لم يكن بجديد على الشرقيّين الّذين بدأوا بإكرام مريم في شهر مايو / أيار قبل دخول هذه العبادة إلى الكنيسة الغربية بحوالي الألف سنة .
إن الحديث عن مريم وتكريمها كثير جداً، لذا لا بد أن نعرف المعنى الليتورجي لمريم العذراء أم الرب ، لنكرّمها أحسن إكرام. إذ ليس في الأسماء بعد اسم يسوع اسم أحب على قلوب المسيحيين ، كإسم مريم ، فهو حلاوة وعسل في قلوبهم ، والطريق المؤدي إلى إبنها يسوع .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك