اليوم الثاني : مريم مانحة النِّعَم بواسطة المسبحة الورديّة :مريم سلطانة السماء والأرض بفعل النعمة الإلهية التي منحها اياها الله لما اخبارها لِتكونَ أُمّاً لإبنه ، إن ملكوت يسوع المسيح ، ملكوت إلهي روحي ، يحل جوهرياً في قلب الإنسان وباطنهِ، كما جاء في الإنجيل المُقدّس : ” إن ملكوت الله بينكم … في داخلكم ” ( لوقا ١٧ : ٢١) ، كذلك ملكوت العذراء الكلية القداسة هو بنوع خاص في داخل الإنسان أي في نفسهِ ، وقد سلم الله مريم وحدها مفاتيح محبتهِ الإلهية المتدفقة، وأعطاها أن تَدخُل هي وتُدخِل معها الأخرين حياة القداسة والكمال من خلال الأسرار الخلاصية الإلهية التي تفوق العقل البشري .
نعم ، مريم وحدها بإمكانها منح بني آدم وحواء التعساء المنغمسين بالخطيئةِ معرفة الخير وتجنب الشر ، دون خوف من الصعوبات ، وحتى من الموت ، والدخول بهم إلى الملكوت السماويّ المُعد لهم من قبل إنشاء العالم بفداء وموت إبنها على الصليب لكي يعيشوا فيهِ مع الله ، ويتمتعوا بغبطة وسعادة لا توصفان ، ويلوذوا فيهِ بأمان من غدر أعدائهم ، ويتلذذوا بخيراته الإلهية ، وينالوا من ثمرة شجرة الحياة ، الحياة الأبديّة ، ويرتووا من المياه السماوية المتدفقة بغزارة من قلب الينبوع العذب يسوع المسيح . وبما أن مريم العذراء ” حواء الجديدة ” هي ذاتها الفردوس الجديد ، أو الأرض البكر المباركة التي فُتحت من جديد بعد قيامة إبنها يسوع بكر الخلائق من بين الأموات . لإن الله لما خَلَقَ الإنسان على صورته ومثاله ، وضعه في الفردوس ليشاركه حياة القداسة والنعمة، وليعتني بالأرض والحفاظ عليها ، ولكن مع الأسف عصى إرادة الله وأوامره وبمعصيته ابتعد عَنهُ ، هذه الارض الطيّبة ، بطن حواء الجديدة ، حَمَلتْ مُخلّص العالم ، فلها وحدها أن تُدخل إلى أرضها الخصبة من تشاء من البشر لتجعل منهم قديسين ” كونوا قدّيسين وكاملين كما أنَّ أباكُمُ السماويّ كاملٌ وقدوس ” .
يقول لنا القديس لويس ماري غرينون دو مونفور : ” تلاوة صلاة الوردية المقدسة يومياً من قبل المؤمنين تعمل على إرضاء قلب مريم وابنها يسوع ” . وبهذا ظهرت العبادة للوردية المقدسة لتكريم العذراء مريـم من قبل المؤمنين المسيحيين وغير المسيحيين . لذلك تطلب العذراء مريم وبإلحاح من المؤمنين بامومتها الإلهية تلاوة الوردية ، وقد ظهر هذا الإلحاح في معظم رسائلها للعالم وفي مختلف ظهوراتها. وكانت في بعض هذهِ الظهورات تحمل المسبحة الوردية بين يديها ، في مدينة لورد ( فرنسا ) وفِي مدينة فاطمة ( البرتغال ) ، لتشجعنا على حملِها وتلاوتِها . وكانت تقول في هذهِ الظهورات : ” هذهِ العبادة تكون لك سلاماً تقاوم بهِ الأعداء المنظورين وغير المنظورين، وتكون عربون محبتي للمسيحيين ” ، ويقول القديس دومنيك أيضاً : ” بعد الفرض الإلهي وذبيحة القداس الإلهيّ ، ما من مديح لذيذ على قلب يسوع وإمهِ القديسة مريـم مثل تلاوة المسبحة الورديّة بإيمانٍ وحرارة
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
أنقر على الرابط التالي لقراءة المقالة السابقة: https://ar.zenit.org/2023/05/04/%d9%85%d8%b9-%d9%85%d8%b1%d9%8a%d9%80%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b0%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d9%86%d8%b1%d8%aa%d9%81%d8%b9-%d9%86%d8%ad%d9%88-%d8%a5%d8%a8%d9%86%d9%87%d8%a7-%d9%8a%d8%b3%d9%88%d8%b9/