معجزة الشمس في فاطيمة :
يمكن وصف معجزة الشمس التي شاهدها جميع الناس بإيجازٍ بالكلمات التالية . بعد هطول الأمطار الغزيرة ، تحوّل لون السماء إلى اللون الأزرق ، واستطاع الناس النظر إلى الشمس بسهولة ، والتي بدأت تدور حول نفسها كعجلة من نار وبدأت تبعث إشعاعات رائعة من الضوء بكل أصناف الألوان . وبدا الناس والتلال والأشجار وكل شيء في فاطيمة كأنه يبعث هذه الألوان الجميلة . ثم توقّفت الشمس عن الدوران لبرهة بعدها حدث الشيء الجميل عينه مرة أخرى . وقد تكرّر أيضاً للمرة الثالثة . لكن فجأة تفكّكت الشمس من السماء واتّجهت الى الأرض بحركة متعرّجة . ومع إقترابها إزداد حجمها أكثر فأكثر وبدت وكأنها ستسقط على الناس وتسحقهم . فخاف الجميع وسقطوا على الأرض مُصلّين طالبين من الله الرحمة والمغفرة .
بعد ذلك ، عاد كل شيء إلى طبيعته والناس الذين ركعوا على الطين أدركوا مدى بذاءتهم . ورجعوا إلى الأطفال مطلقين عليهم وابلاً من الأسئلة . واستمر ذلك طوال الليل قبل أن يسمحوا للأطفال بأخذ قسطٍ من الراحة ، على أن يكملوا حديثهم في اليوم التالي .
موت فرانسيسكو وجاسنتا :
بعد ذلك بدأت التساؤلات وحاول الناس جعل الأطفال يبوحون بالأسرار التي أخبرتهم بها السيدة العذراء القدّيسة . لكنهم لم ينالوا مرادهم حيث قالت جاسنتا الصغيرة : ” أُفضل الموت عن البوح بالأسرار ” . وبعدها بوقت ليس بطويل ماتت جاسنتا في العشرين من يناير / كانون الثاني من عام ١٩٢٠ وحيدةً في مستشفى في ليزبون، كما قالت السيدة العذراء لها سابقاً.
ومات فرانسيسكو في السنة السابقة لوفات جاسِنتا ، في الرابع من أبريل / نيسان من عام ١٩١٩ . أما لوسي فقد توفيت هذه السنة ٢٠٠٥ في الثالث عشر من فبراير / شباط . وقد قالت السيدة العذراء للأخيرة أنها ستعيش طويلاً لأن الله الآب قد اختارها لتكون مكرّسة له ولتنشر ما تريده سيدتنا العذراء وتزيد من الصلاة والعبادة لقلبها الطاهر .
الظهور الذي حدث في العاشر من ديسمبر / كانون الاول من عام ١٩٢٥ :
في العاشر من ديسمبر / كانون الاول من عام ١٩٢٥ ، ظهرت القديسة مريم للوسي في بونتيفيدرا ، مع طفلها في سحابةٍ من ضوء . وقال الطفل : ” استمدّي الرحمة من قلب امك القدّيسة ، المحاط بالأشواك التي تعبّر عن الناس غير الشاكرين الذين ما يزالوا يطعنون قلبها . ويستمرون في عمل ذلك دون أن يزيل أي أحد منهم الأشواك عن طريق العودة إلى الله “. ثم قالت السيدة العذراء : ” ابنتي ، انظري إلى قلبي المحاط بالأشواك التي وخزني بها الناس غير الشاكرين بلغتهم المجدّفة ونكرانهم للجميل . هل تستطيعين إراحتي وتجعليهم يعلمون بأن كل من حضر القدّاس في أول يوم سبت من كل شهر لمدة خمسة أشهر متتالية ، واعترف وتناول القربان المقدس، وصلى الوردية . وقام بتخصيص دقائق ليتأمل بأسرار الوردية المقدسة سيعوّض وسأهبه الرحمة التي هو بحاجة إليها ساعة موته .
الظهور الأخير في السادس من يونيو / حزيران من عام ١٩٢٩ :
بوركت جاسنتا خلال مرضها بظهورات عديدة من القديسة مريم كما حدث مع لوسي أيضاً بالرغم من عدم معرفتنا كيف حدث ذلك نظراً لعدم إفصاح لوسي عن ذلك للجميع . لقد قالت ما طلبت منها السيدة العذراء قوله فقط . وخلال الثلاث سنوات التي كانت تعترف فيها للأب غونكلاف ، تعرّفوا فيها على بعضهم البعض جيداً. وقد قالت لها السيدة العذراء أن الوقت قد حان للكنيسة لتُكرّس روسيا نفسها للعذراء وتعلن الوعد بعودتها الى الرب . وقد طلب كاهن الاعتراف من لوسيّا أن تكتب أمنيات سيدتنا العذراء مريـم .
عندما قالت السيدة العذراء في ظهورها الذي حدث في الثالت عشر من يوليو / تموز من عام ١٩١٧ : “سآتي للسؤال عن تكريس روسيا نفسها للرب ” . قامت بفعل ذلك في الثالث عشر من يونيو / حزيران من عام ١٩٢٩ حينما ظهرت على لوسي في كنيسة دوروثياس، في مدينة تاي في أسبانيا . ” إن أمي السماويّة وكاهن الاعتراف قد أعطوني الإذن لأخبر عن ساعة التقديس التي قمت بها يوم الخميس في الساعة الحادية عشر حتى منتصف الليل . ففي إحدى الليالي كنت راكعة لوحدي أصلّي في الكنيسة صلاة الملائكة . وكنت أحس حينها بالتعب فأكملت الصلاة ويدي ممدّدتين . وكان مصباح الكنيسة هو مصدر النور الوحيد . وفجأةً ملأ الكنيسة بأكملها ضوء طبيعيّ قويّ ، وظهر صليب من نور امتدَّ ليصل إلى حافة المذبح . و شاهدت في الجزء العلوي منه وجه شخص والجذع العلويّ من جسده . وأمام صدره كان هناك نور لطيف وجسد إنسان أخر مسمّر على الصليب . وأسفل خصره تدلّى كأس القربان وكان فوقه قربانة كبيرة تتساقط منها قطرات دماء مصدرها من وجه المصلوب وبعض قطرات دماء من الجرح في صدره. هذه القطرات تدحرجت من خبز القربان إلى كأس القربان . وتحت اليد اليمنى من الصليب وقفت سيدة فاتيمة حاملةً بيدها اليسرى قلبها النقي وكان خالياً من السيف أو الأزهار لكن لم يخلُ من تاج الشوك واللهب . وتحت اليد اليسرى للصليب ، ظهرت بعض الأحرف الكبيرة وكأنها ماء صافية بلّوريّة تدفّقت نحو المذبح مكوّنةً الكلمات التالية :
” الرحمة والمحبّة ” :
تُكمِل لوسيّا حديثها قائلةً : ” بعد ذلك استلمتُ تفاصيل أكثر عن سر الثالوث الأقدس ، وهو سرّ لن أقوم بالبوح به “. ثم قالت سيدتنا العذراء : ” حان الوقت الآن للبابا ليدعو جميع الأساقفة من جميع أنحاء العالم لينضمّوا إليه ليكرّسوا روسيا لقلبي النقي . وقد وعد الله بحفظ روسيا إن قاموا بفعل ذلك . وبذلك سَيَدين الله بعدالته الصالحة أرواحاً عديدة بسبب الخطايا التي ارتكبوها بحقّي . ويُفسّر ذلك سبب طلبي منكم الإصلاح والتكفير . كرّسي نفسك للصلاة لهذه الغاية “. وقد أقيم احتفال جاسِنتا وفرانسيسكو وهم طفلا فاطيما اللذان ظهرت لهما السيدة العذراء، في الثالث عشر من مايو / ايار من عام ٢٠٠٠ حينما زار البابا جون بول الثاني المَقام في فاطيمة في إحتفال خاص . وقد كشف الفاتيكان أيضاً عن السر الثالث .
أُصيب فرانسيسكو وجاسِنتا بالحمى الأسبانيّة. وتوفّي فرانسيسكو في الرابع من شهر أبريل / نيسان من عام ١٩١٩ في فاطيمة عن عمر يناهز العاشرة بينما توفيت جاسِنتا في العشرين من فبراير / شباط من عام ١٩٢٠ في الساعة العاشرة والنصف بتوقيت غرينتش في ليزبون عن عمر يناهز التاسعة .
أما الأخت لوسي دوس سانتوس، آخر الأطفال الثلاثة التي أعلنت عن رؤيتها للعذراء مريم في ١٩١٧ في فاطيمة ، البرتغال . فقد تُوفّيت في الثالث عشر من فبراير / شباط من عام ٢٠٠٥ عن عمر يناهز السابعة والتسعين .
هذه الظهورات التي حدثت في فاطيمة قد وافقت عليها المحكمة البابويّة الكنسية في حاضرة الفاتيكان ، في شهر أكتوبر / تشرين الأول ١٩٣٠