” الله محبة ” ، ” فمن أقام في المحبة أقام في الله , وأقامَ الله فيه ” هذا ما يقوله لنا القديس يوحنا الحبيب في رسالته الأولى وهو يَتكلَّم عن أصل المحبّة ( يوحنا الاولى ٤ : ١٦ ).
وقد أفاض الله حُبّه في قلوبِنا بالرُّوحِ القُدُسِ الذي وُهِبَ لنا ( رومة ٥ :٥).
لقد أحبَّت مريم بكل قلبها و جوارحها فاستحقَّت أن تكون المختارة للأمومة الإلهية، وأحبَّت البشر فأعطتهم يسوع ، وهي لاتزال تحبّنا وتفيض علينا النِعم وتُرشِدُنا إلى المحبةِ .
إنَّ أهم الهِبات التي منحنا اياها الله وأعظمها هي : ” المحبة “، والتي بِهَا نُحِّبُّ الله فوق كل شيء والقريب حباً بالله ” أَحبِبْ الرَّبَّ إلهَكَ بكُلِّ قلبِكَ وكُلِّ نفْسِكَ وكُلِّ ذِهنِكَ . تِلكَ هي الوصيّةُ الكُبرى والأُولى . والثانيَةُ مِثلُها : أٓحببْ قريبَكَ حُبَّكَ اِنفسِكَ . بِهاتينِ الوصيَّتين ترتَبِطُ الشريعَةُ كُلُّها والأنباء ” ( متى ٢٢ : ٣٧ – ٤٠ ) .
ومن أجل أن تنمو المحبة في داخل النفسِ كالزرع الجيد في أرضٍ صالحة ، وتأتي بِثِمارٍ صالحة وفيرة ، يجب علينا نحن المؤمنين أن نصغي بثقةٍ بطيب خاطر إلى كلمةِ الله ، لنتمّم بالعمل إرادته ، ونمارس بإستمرار الأسرار المقدسة التي وضعها لنا ربنا يسوع في كنيسته كقنوات لِنِعَمِهِ ، ولاسيما سر القربان الأقدس . وعلينا أن نواظب على الصلاة ونُكران الذات ، والخدمة الأخوية المتجردة من أي مصلحة ، وممارسة مختلف الفضائل الإلهية والإنسانية .
إن تلميذ المسيح الحقيقي ، وإبنَ العذراء مريـم ، يُعرف من محبته سواء نحو رَبِّهِ أو نحو قريبهِ .
طوبى لمن يتعاطف مع هذه النِعَمْ و يُمارس المحبة فعلاً . بالإيمان والأعمال ، لا بالقول ، كما يقول لنا القديس يعقوب في رسالته : ” وكذلك الإيمان ، فإن لم يقترن بالأعمال كان ميتاً في حدِّ ذاتِهِ … فكما أنَّ الجَسد بلا روح ميت ، فكذلك الإيمان بلا أعمال ميت ” ( رسالة القديس يعقوب ٢ : ١٧ و ٢٦ ) .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك