Church under a starry sky - Free-Photos - Pixabay - CC0

ما هو عيد الكنيسة المقدّسة؟

الكنيسة الارمنية تحتفل بعيد الكنيسة

Share this Entry
بعدما احتفلت الكنيسة الارمنية بعيد القيامة والصعود والعنصرة ( حلول الرُّوح القُدُس على التلاميذ ) وعيد الثالوث الأقدّس ، تحتفل هذا الأحد بعيد الكنيسة .
معنى كلمة كنيسة :
كلمة ” كنيسة ” تأتي من الكلمة اليونانية : ”  اكليسيا ، ekklesia” وتعني ” الجماعة ” أو ” المؤمنين المدعوين/ المختارين “. فأصل معنى ” الكنيسة ” لا يشير إلى المبنى الهندسي الرائع والجميل ، بل إلى المؤمنين بالمسيح يسوع والمتحدثين معه .
فمن الغريب عندما نسأل بعضنا عن تعريف الكنيسة التي نحن جزء  منها، نجيبُ عادة ونحدّد الشكل الهندسي للكنيسة التي ننتمي إيها او نتردد عليها. تقول لنا رسالة القديس بولس إلى أهل رومة : ” سَلِّمُوا أيضاً عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا ” ( رومة ١٦ : ٥ ) ، فنرى هنا أن القديس بولس يذكر الكنيسة التي في بيتهما – أي جماعة المؤمنين وليس مبنى الكنيسة الرائع .
في العهد القديم اختار الله بني إسرائيل ليكونوا شعباً خاصاً له . أعطاهم شرائعه عن طريق موسى ومنحهم أرض كنعان ليسكنوها، وأرسل لهم أنبياء ليعلّموهم وليخبروهم عن مجيء المسيّا ( المسيح ) . وعندما جاء المسيح في الوقت المعين لشعب إسرائيل ، آمن به بعض الناس ، ولكن معظمهم رفضوا الإيمان به . ومن أولئك الذين آمنوا بالمسيح ، شكّل الله شعباً جديداً لنفسه، يُدعى ” الكنيسة “.
في الأصل ، بنو إسرائيل فقط كانوا شعب الله المختار ، ولكن الرجال والنساء من كل عرق على الأرض الذين يؤمنون بالمسيح هم شعب الله الجديد . كان الختان هو طقس القبول للأعضاء في جماعة إسرائيل ، هذا الطقس الذي أمر به الله إبراهيم ونسله الذكور . ولكن شعائر القبول في الكنيسة المسيحية ، المؤلفة من شعب الله الجديد ، هي المعمودية ، وما عاد للختان أي أهمية دينية . والمعمودية هي  توبة على حدِّ قول يوحنا المعمدان : ” توبوا فقد اقترب ملكوت الله ” ( متى ٣ : ٢ ) ويجب إقامتها على حسب طلب المسيح لأولئك الذين يتوبون ويؤمنون به ، دالين بذلك على أنهم أعضاء في عائلة الله .
المعمودية هي علامة و رمز للخلاص والتطهر من الخطيئة ، لإن الخطأة يخلصون فقط بالإيمان بالمسيح والحياة الجديدة في المسيح يسوع . والمعمودية تُجرى مرة واحدة فقط للشخص المؤمن ولا تعاد ثانيةً .
الكنيسة في العهد الجديد :
في العهد الجديد تدعى الكنيسة ” جسد المسيح السرّي ” . المسيح هو رأس ” الكنيسة ” وكل الأعضاء في جسده هم واحد فيه ، أياً كان عرقهم أو لغتهم أو لونهم . وبناءً على ذلك : الكنيسة واحدة ، جامعة ، مقدسة ، رسولية ، وكما أن المسيح واحد وقدوس، فالكنيسة أيضاً واحدة ومقدسة ، لأنها تنتمي إلى روح الله القدوس . يقول لنا الكتاب المقدس أن كل من ليس فيه روح المسيح لا ينتمي إلى المسيح .
جميع أعضاء الكنيسة هم كالمرضى الذين يأتون إلى المشفى للشفاء ، والكنيسة هي مشفى لشفاءِ الأمراض الروحيّة والجسديّة  للمؤمنين . الذين وضعوا أنفسهم بين يدي الطبيب الشافي ، يسوع المسيح ، وهو بدوره يشفيهم من أمراضهم ويخلصهم من داء الخطيئة بعد التوبة والإعتراف بخطاياهم .
ما الهدف والغاية من الكنيسة :
هدف الكنيسة هو أن تمكّن المؤمنين من أن ينموا في معرفة الله و يعيشوا شركة الإيمان والمحبّة مع بقية المؤمنين . كل مؤمن عليه أن يطيع وصية المسيح في أن يعتمد ويصبح عضواً في كنيسته .
كل مسيحي يحتاج إلى الشركة مع المسيحيين الآخرين كما أن كل عضو في الجسد البشري يحتاج إلى بقية الأعضاء . وما من مسيحي ينبغي أن يفصل نفسه عن الشركة مع بقية المؤمنين في الكنيسة ، بل عليه أن يتعاون معهم ليتمَّ الخلاص للجميع .
مسوؤلية الكنيسة :
لقد أعطى السيد المسيح للكنيسة مسؤولية القيام برسالته في العالم عندما قال لهم : ” إنِّي أُليتُ كل سُلطانٍ في السماء والأرض . فاذهبوا وتَلمِذوا جميع الأُمَم ، وعَمِّدوهم باسم الآب والابنِ والرُّوح القُدُس ، وعلموهم أن يحفظوا كلّٓ ما أوصيتكم به ، وهاءَنذا معَكم طَوالَ الأيام إلى نهاية العالم ” ( متى ٢٨ : ١٦ – ٢٠ ) .
عندما كان يسوع المسيح على الأرض كإنسان نقل كلمة الله للبشر، وشفى المرضى ، وعزّى الحزانى، وخلّص الخطأة . وقبل صعوده إلى السماء أمر رسله ومن بعدهم  أتباعه بأن ينقلوا الإنجيل بُشرى الخلاص إلى كل الناس في العالم . إن مهمة جميع المسيحيين الأساسية في كل أصقاع الأرض هي أن ينقلوا رسالة المسيح إلى كل الناس ، وأن يدعوهم للإيمان به . وعلى المسيحيين أيضاً أن يظهروا محبة المسيح للناس من كل الأجناس والأديان بشفائهم للمرضى، وتعليم الجهلة، وإطعام الجياع ، والكرازة بالخلاص لأسرى الخطيئة . لقد أمضى يسوع المسيح حياته في خدمة الناس ، وأعضاء جسده اي كنيسته عليهم أن يتبعوا مثال معلمهم .
الكنيسة هي جسد المسيح ، الذي هو رأسه. كما يقول القديس بولس في رسالته إلى أهل أفسس : ” وجعلَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ ، ووهبه لنا فوق كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ “.  وهي جسدهُ ومِلءُ ذاكَ الذي يمتلىءُ تماماً بجميع الناس ” ( أفسس ١ : ٢٢ – ٢٣ ) . وهكذا يضم جسد المسيح  كل الذين لهم علاقة شخصية مع يسوع المسيح ” فإننا اعتمدنا جَميعاً بِرُوحٍ وَاحِد لنكون جَسَداً  وَاحِداً ،  أيَهُود كُنَّا أَمْ يُونَانِيِّينَ عَبِيداً أَمْ أَحْرَاراً. وَشٓربنا من رُوحٍ  وَاحِد ” ( قورنتس الأولى  ١٢ : ١٣ ) . تقول لنا هذه الآية وتعلمنا أن كل من يؤمن بالمسيح هو جزء من جسد المسيح وقد قبل روح المسيح .
خلاصة القول :
الكنيسة  ليست مبنى أو طائفة . بل هي بحسب تعاليم الكتاب المقدس هي ” جسد المسيح ”  أي كل الذين يؤمنون به للخلاص والحياة الأبديّة (يوحنا ٣ : ١٦ ) .
وكما أنَّ الجَسد واحدٌ وله أعضاءٌ كثيرة وأنَّ أعضاء الجسد على كثرتها ليست إلاَّ جسداً واحِداً ، فكذلك المسيح ( قورنتس  الأولى ١٢ : ١٣ ) .
فأنتم جسد المسيح وكُلُّ واحد منكم عُضوٌ منه ، والذين أقامهم الله في الكنيسة هم الرُسُل أوّلاً والأنبياء ثانياً والمعلمون ثالثاً … ( قورنتس الاولى ١٢ : ٢٧ – ٣٠ ) وهكذا يقوم أعضاء الكنيسة بتطبيق مباديء ” الجسد الواحد ” في التعليم والشفاء والإسعاف وحسن الإدارة والتكلم و وبنيان أحدنا الآخر في معرفة ونعمة ربنا يسوع المسيح .
فكنيسة الله الواحدة ، الجامعة ، المقدسة ، الرسوليّة هي كل من نال الخلاص من خلال الإيمان بالرب يسوع المسيح وبشرّ به .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير